الإسكوا: "السياحة الدامجة" من الممارسات الفضلى

شارك “اتحاد المقعدين اللبنانيين” في “مؤتمر الإعاقة والعمل”، الذي نظمته “الإسكوا”، في مقرها في بيروت، في 14 كانون الأول/ ديسمبر 2017.

في المؤتمر، تحدثت المديرة التنفيذية في “الإسكوا” الدكتورة خولة مطر، وألقت السيدة ماري الحاج رئيسة مصلحة شؤون المعوقين كلمة وزارة الشؤون الاجتماعية، ورئيسة قسم الادماج الاجتماعي والاعاقة من شعبة التنمية الاجتماعية في “الإسكوا” جيزالا ناووك. وعرضت رئيسة “اتحاد المقعدين اللبنانيين” الزميلة سيلفانا اللقيس تجربة “مشروع السياحة للجميع في لبنان”، ضمن عرض الممارسات الفضلى في القطاع الخاص، وتلتها تجربة “شركة سانيتا” مسلطة الضوء على الدعم التقني الذي وفره الاتحاد لتصبح دامجة وجاهزة لتوظيف الأشخاص المعوقين، ثم عرضت تجارب الدول العربية في تشغيل الاشخاص ذوي الإعاقة.

ونظم على هامش المؤتمر تدريب لمدة يومين حول إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة. وتميز دور الاتحاد بعرض تجربة رائدة في الدمج الاقتصادي الاجتماعي للأشخاص ذوي الإعاقة، ربطا بالأهداف التنموية والاتفاقية الدولية حول حقوق الأشخاص المعوقين، وتم تقديم الدعم التقني للدول العربية المشاركة.

البرلمانية لحقوق الإنسان توصي بتطبيق القانون 220/2000

عقدت لجنة حقوق الانسان النيابية جلسة، ظهر اليوم، وذلك برئاسة النائب ميشال موسى وحضور اعضاء اللجنة النواب: ابراهيم الموسوي، رلى الطبش، سيمون ابي رميا، سامي الجميل، اسعد درغام، جورج عقيص، نواف الموسوي، محمد القرعاوي.

كما حضر الجلسة رئيسة مجلس الخدمة المدنية القاضية فاطمة الصايغ، مدير عام وزارة المالية آلان بيفاني، مدير عام وزارة الشؤون الاجتماعية عبدالله احمد، مدير عام الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي محمد كركي ورئيس الديوان في الصندوق شوقي ابو ناصيف، عضو الهيئة الوطنية لشؤون المعوقين رئيس المنظمة العربية للاشخاص ذوي الاعاقة ابراهيم عبد الله، الدكتور علي رحال، الدكتورة مهى جباعي، رئيسة الاتحاد اللبناني للاشخاص المعوقين حركيا سيلفانا اللقيس.

بعد الاجتماع، قال النائب موسى: “اجتمعت لجنة حقوق الانسان في حضور ممثلين عن وزارتي الشؤون الاجتماعية والعمل ورئيسه مجلس الخدمة المدنية وممثلي المجتمع المدني. وتطرقت اللجنة وبحسب جدول الاعمال الى موضوع الحق في التوظيف تطبيقا للقانون 2000/220 الذي صدر منذ 18 عاما والذي يقول انه، يجب ان يوظف في القطاع العام والخاص 3 بالمئة من الاشخاص ذوي الاعاقة، وطبعا هذا القانون لا يطبق منذ 18 عاما لاسباب مختلفة، في القطاع العام للتضارب في الآراء والصلاحيات وكيفية التصرف في هذا الموضوع. واليوم جرى بحثه هذا الاجتماع وخرجنا بتوصيات من اجل ايجاد حل لتطبيق هذا القانون تنفيذا للمواد 73 و74 من هذا القانون الذي يسعى الى دمج المعوق بالمجتمع”.

وتلا موسى التوصيات وهي:

1- التطبيق الفوري للقانون لجهة الحق بالعمل والتوظيف في القطاع العام والخاص.

2- الطلب من وزارة الشؤون الاجتماعية ومجلس الخدمة المدنية وضع آلية تطبيقية لجهة تنفيذ القانون في ما يتعلق بالتوظيف في القطاع العام.

3- الطلب من وزارة العمل انجاز ورفع الآلية التطبيقية للمادة 74 من قانون المعوقين لجهة توظيف المعوقين في القطاع الخاص”.

وتابع: “نحن ننتظر آلية العمل من وزارة الشؤون الاجتماعية ومجلس الخدمة المدنية ليتقدموا بورقة العمل التي سوف يتم انجازها من اجل الشروع في الخطوات التنفيذية لتطبيق هذه المواد”.

التنوع في مكان العمل 15: دليل الوصف الوظيفي

يعتبر الوصف الوظيفي بطاقة التعريف العملية للعامل أو الموظف ضمن مؤسسة أو شركة، وهو يتعدى من حيث تعريفه مفهوم البطاقة الجامدة، إلى مفهوم متحرك تحدده إدارة التطوير الإداري في الشركات لكل وظيفة على حدة، معتمدة على الهيكل التنظيمي. وبات الوصف الوظيفي للشركات التي تحترم التنوع يتبنى النموذج الاجتماعي في التعامل مع الأشخاص المعوقين، كموظفين أو مستهلكين. وبالتالي نتجت تعديلات تسعى إلى الاستثمار في طاقات العاملين المعوقين على جميع مستويات العمل في الشركات وفي جميع خطوط الإنتاج، ونتجت عن ذلك تكييفات في الوصف الوظيفي للموظف، بحيث يكون متحركاً سواء في المهمات الوظيفية التي ينبغي أن يؤديها أو في الأوقات.

فتلك البطاقة تتضمن عدداً من العناوين الثابتة، ومنها: المسمى الوظيفي، والغرض العام من الوظيفة، والمؤهل العلمي والخبرة العملية، والبرامج التدريبية والقدرات والمعارف، والتدرج الوظيفي، بالإضافة إلى الواجبات والمسؤوليات، وغيرها من الأركان الأقل أهمية.

وقد سعى “اتحاد المقعدين اللبنانيين”، منذ العام 2005 إلى فتح آفاق العمل أمام الأشخاص المعوقين، عبر تدريبات تأهيلية تسبق التقدم إلى الوظيفية، ثم التدريب على المقابلة، وصولاً إلى التكييف الوظيفي والتجهيزات المطلوبة داخل الشركة. وقدم عدداً من الأدلة الاسترشادية المطلوبة في تلك العملية وأعاد تقديمها غير مرة ناشداً تعميم التوعية للأشخاص المعوقين وأرباب العمل في آن. والدليل الذي بين أيدينا مبادرة تسعى لترجمة مفهوم التنوع في مكان العمل بطرق مرنة توفر الاستثمار وتعزز التنظيم والإدارة الفعالة.

تم الإعداد لهذا الدليل بعد تجربة مكاتب التوظيف التابعة لمشروع فتح آفاق فرص العمل، فكان للتواصل والمتابعة المستمرين بين فرق عمل المشروع من جهة والقطاع الخاص من جهة أخرى بالغ الأثر في ملامسة احتياجات هذا القطاع، لاسيما أقسام الموارد البشرية في الشركات.

ويتضمن الدليل وصفاً وظيفياً لعدد من المهن التي من الممكن أن تستقبل الأشخاص المعوقين، وأن يصبوا فيها طاقاتهم الانتاجية. وتلك المهن أمثلة يمكن أن تفتح الباب واسعاً أمام استخدام مبادئ الوصف الوظيفي في الشركات، كما تشكل مدخلاً لاعتماد مبدأ التكييف. فهذه الثقافة إن اعتمدت يصبح مكان العمل مصنعاً للإبداع والإنتاجية العالية، وهي ثقافة تلائم الشركة والزبائن والمجتمع والسوق، وتساهم في تطوير ثقافة دامجة داخل الشركة ما يمكنها من أداء إبداعي يستطيع التعامل بفرادة مع تنوع الأسواق. 

Dalil-15

حقي 2016: تقرير الانتهاكات والمخالفات

حملة حقي – الحملة الوطنية لإقرار الحقوق السياسية للأشخاص المعوقين في لبنان.

مواكبة الانتخابات البلدية والاختيارية، والنيابية الفرعية في جزين، للعام 2016 – ملخص التقرير العام النهائي.

إعداد: حملة حقي – أمانة السر – الوحدة الإعلامية.

بتاريخ: 10 حزيران/ يونيو 2016.

haqqi-final-report-2016-2

السياحة للجميع في لبنان

السياحة الدامجة هي خلق البيئة المؤهّلة/ المؤاتية التي ينبغي أن تلّبي احتياجات كل الأشخاص على السّواء، أيّاً كانت قدراتهم، كانوا معوّقين أو غير معوّقين، أو لديهم إعاقة مؤقتة أو غيرها (حركيّة، سمعيّة، بصريّة أو فكرية)، وكذلك الأسر التي تتنقّل برفقة أطفالها، أو الأشخاص المسنّين، خصوصاً في ظلّ تزايد شيخوخة السكان حول العالم (في العام 2050 سيشكّل المسنّون الذين يتجاوز عمرهم 60 عاماً، 22 في المئة من نسبة السكان حول العالم – أي حوالي ربع سكان العالم). بناء عليه، أطلق مشروع “السياحة للجميع في لبنان: نهجٌ جديد نحو التنمية الاجتماعيّة-الاقتصاديّة الشاملة” بالشراكة بين “اتّحاد المقعدين اللبنانيين” و “الشبكة الأوروبيّة للسياحة الدامجة  “ENAT، ضمن برنامج “أفكار 3 ” المموّل من الاتّحاد الأوروبّي، بإدارة مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإداريّة.

على الرغم من أنَّ قطاع السياحة يحتلّ مكانةً رائدة في البلاد، إلَّا أنَّ وسائل وآليّات الدمج لا تزال غير متوفّرة. ونتيجة لذلك، لا يستطيع الأشخاص المعوّقون أو حتى الكبار في السنّ، الاستفادة من هذا القطاع، سواء كانوا سواحاً أو أصحاب أعمال أو حتّى عُمّالاً. وينعكس عدم وجود الدمج والمرونة في القطاع السياحي، من خلال:

ضعف الحكومة والسلطات المعنيّة، بنسبة كبيرة، في تطبيق القانون الرقم 220/2000 الخاص بحقوق الأشخاص المعوّقين

ضعف القدرات لدى أصحاب المصالح في القطاع السياحي لإدراج معايير الإعاقة، بسبب غياب الموارد والأدوات والمهارات وسيطرة المواقف النمطيّة لجهة قضية الإعاقة

inclusive-tourism-1

الحاجة إلى تمكين الأشخاص المعوّقين والمنظّمات المعنية بشؤونهم حول أهميّة السياحة في تعزيز التنمية الاجتماعيّة-الاقتصاديّة

سيلفانا اللقيس المرأة الصلبة الوفية للقسم

ËÞÇÝÉ/ ä쾃 Úä ÇáÇÚáÇã Ýí ÇáÈíÇá (Úáí áãÚ)

سعدى علوه | 2018-05-04

بعدما أدلت عضوة هيئة الإشراف على الانتخابات سيلفانا اللقيس باستقالتها في مكتب المفكرة القانونية في بدارو، تبرعتُ بالإتيان بسيارتها لتقودها وتغادر إلى مكتبها في اتحاد المقعدين اللبنانيين. تنتمي سيارة سيلفانا إلى جيل الحرب من السيارات. فيها من الأصوات و”الحرتقات” الكثير مما يلهيك عن سيرها غير المتوازن لدرجة تتساءل هل هذه الآلية صالحة للسير حقاً؟ لحظات وتضع سيلفانا المنحدر الخشبي الذي تحتفظ به وتثبته بين كرسيها المتحرك والسيارة، تستند بيديها إلى مقود سيارتها التي تقودها بنفسها، وتسحب جسدها المُقعد إلى المَقعد وتنطلق.

“بعد تعييني في هيئة الإشراف على الإنتخابات، أدّيت قسما بأن أقوم بمهامي في الهيئة بأمانة وتجرد وإخلاص واستقلال وأحرص على التقيد تقيدا مطلقا بالقوانين والأنظمة ولا سيما تلك التي ترعى الانتخابات، تأمينا لحريتها ونزاهتها وشفافيتها”. علقت هذه العبارة في رأس من أحاطوا باللقيس خلال تلاوتها بيان استقالتها. كم مواطن ومسؤول يستقيل من مهمة لا تتعدى الأشهر القليلة ينال خلالها تعويضا ماليا يصل إلى تسعين مليون ليرة لبنانية؟ ومع المال، يتخلى عن جاه المركز والإمتيازات؟ المراكز التي عادة ما تشكل قاعدة للانطلاق إلى مهام رسمية أخرى عن طريق إثبات الولاء لمن اختارهم وذكّاهم للمنصب. لكنها سيلفانا اللقيس، المرأة الجميلة التي لا تشبه إلا نفسها: “لن أبقى شاهدة زور”، قالت لتبقى وفية لصفتها التمثيلية للمجتمع المدني في الهيئة من جهة، ولأخلاقها وأدائها المعروف بمصداقيتها من جهة ثانية، والأهم عرّت الهيئة من المهمة المزعومة المناطة بها، وهي الإشراف على شفافية الانتخابات، ومنح شهادة حسن سلوك لكل الذين تجاوزوا القانون، وعلى رأسهم قوى السلطة ومرشحيها.

لم تكن عضوية الهيئة مسألة عابرة بالنسبة لسيلفانا لتتخلى عنها ببساطة. نستدل على ذلك من هاتف “ماما حياة” الذي رنّ في جبيل لمجرد أن أنهت سليفانا قسم اليمين في بعبدا. قالت لها: “ماما حياة”، ودموعها تنساب من عينيها “كل شي عملته بحياتي بفضلك”. القسم نفسه الذي أثر بسيلفانا وهي تتعهد بالقيام بمهمتها الوطنية ب “تجرد وإخلاص واستقلالية”، هو الذي دفعها إلى الاستقالة.

ولكن باستقالتها لم تأت سيلفانا بجديد. تبدو هذه المرأة وكأنها ولدت رائدة منذ اللحظة التي أصيبت فيها بشلل الأطفال في عمر السنة والنصف. “ماما حياة” التي حملتها ووالدها غازي اللقيس إلى كل أطباء لبنان ومشافيه علها تعود إلى حركتها السابقة، بثت فيها روح المقاومة والعناد. لكن سيلفانا تفوقت على معلمتها في الكفاح وعاندتها لتستبدل عربة الأطفال بكرسي متحرك مستقل تخرج به إلى الحياة.

في زقاق المنزل في جبيل كانت، ومن على كرسيها، تقود ألعاب الصغار رفاقها. تضع الخطط والمقالب الشقية ولا تعود إلى البيت إلا وقد انتهت من حل مشاكل أقرانها لتصير “مختارة” الحي.

لم يقف رفض مدرسة منطقتها استكمال تعليمها فيها، بذريعة التخوف من إزعاجها من قبل التلامذة، أمام شغفها بالتعليم. وعبر سنوات طويلة عاشتها بعيدا عن أهلها في مؤسسة متخصصة، ذاقت سيلفانا طعم العزل الذي عانى وما زال يعاني منه الأشخاص ذوو الإعاقة بسبب غياب الهندسة الدامجة على الصعد كافة.

وكانت محطة عمليتها الجراحية في تشيكيا مدخلاً لاكتشاف موهبتها في سرعة تعلم اللغات والتقاط اللهجات الصعبة لتعود من الاغتراب بإجازة في الترجمة، بعدما حصلت لتفوقها على منحة دراسية.

عادت سيلفانا لتصدم من جديد بواقع التمييز السلبي ضد ذوي الإعاقة في العمل أيضاً. لكنها لم تستسلم وقررت الاستقلال عن عائلتها منتقلة للتطوع في فرع اتحاد المقعدين في صيدا. مع تطوعها في الاتحاد، حصلت سيلفانا على الدخل الأول في حياتها إذ عملت أيضاً مع جمعية النداء الإنساني مقابل أجر مكنها من شراء سيارة رينو 11 كانت بوابة جديدة إلى استقلالية التنقل والحركة.

سيرة سيلفانا اللقيس في الاتحاد وتطويره أشهر من نار على علم وإن كانت هي تتحدث دائما عن إنجازات فريق عمل الإتحاد مع رفاق درب رحلوا ومع آخرين ما زالوا وإياها قيد النضال. هذه المرأة التي كان لها فضل كبير في إقرار قانون المعوقين 220/2000 وتحويل قضيتهم إلى قضية رأي عام، كانت رائدة أيضاً في كل القضايا الوطنية من السلم الأهلي إلى الحقوق المدنية إلى أوجه النضال كافة. كانت وما زالت في الصفوف الأولى للاعتصامات والتظاهرات والاحتجاجات المحقة، ولم تبدل تبديلا.

ليست استقالة سيلفانا من هيئة الإشراف على الانتخابات، على أهميتها ورمزيتها، إلا محطة في سيرة نضالية عريقة لن تتوقف طالما في هامة هذه المرأة الصلبة نفس يدخل ويخرج، بينما هي تستمر في إعطائنا الدرس تلو الآخر في النزاهة والصمود والحياة، والأهم في سبل بناء وطن دامج، دامج لأنه يحتاج إلى كل مواطنيه.

نشر هذا المقال في العدد الخاص بالانتخابات،

حراك خفي لأشخاص معوقين داخل القطاع العام: متى يتم تثبيتنا في وظائفنا؟

لور أيوب | 2018-02-21

أقر مجلس النواب اللبناني في 10 تشرين الأول 2012 مشروع قانون يرمي إلى إعادة العمل بالقانون رقم 606 الذي صدر في العام 1997. ويهدف هذا القانون إلى الترخيص للحكومة بتعيين أشخاص معوقين عاملين في الإدارات العامة والمؤسسات العامة والبلديات في الملاك الإداري للموظفين العامين وذلك، بعدما عملوا لسنوات بصفة متعاقدين أو أجراء أو مياومين وقد تخطوا السن القانونية للتقدم إلى مباراة مجلس الخدمة المدنية. وعلى الرغم من إقرار المشروع منذ خمس سنوات، إلا أنه بقي منسياً في أدراج مجلس النواب.

ويشار هنا إلى هذا القانون 606/97 هو قانون استثنائي ذات طابع مؤقت، بحيث أنه أجاز آنذاك للحكومة تعيين أشخاص معوقين من ذوي الإعاقة آنذاك بعد إخضاعهم لامتحان كفاءة يجريه مجلس الخدمة المدنية، وذلك خلال مدة ستة أشهر من صدوره. ويذكر أنه تم تمديد العمل به في تاريخ 16/3/1998 بموجب القانون رقم 685 لمدة ستة أشهر أخرى. ورغم أن القانون 220/2000 لحقوق المعرقين أقرّ كوتا لهؤلاء وهي نسبة 3% من مجموع الوظائف العامة، فإن الدولة اللبنانية تراخت في وضع آليات تنفيذه، فضلا عن أنه لا يفيد الأشخاص العاملين حاليا في الإدارات العامة كمتعاقدين والذين تخطوا الحد الأقصى للسن التي تسمح بالتقدم لإجراء مباراة توظيف. وقد قابلت المفكرة بعض الأشخاص المعوقين الذين يعملون في الإدارة، وقد تبين أن هؤلاء يعتبرون أن القانون 606 هو الأمل الوحيد لتسوية أوضاعهم.

بدايات مشروع القانون

شرارة انطلاق هذا المشروع جاءت من مواطنة معوقة تعمل كمياومة في وزارة التربية في سنة 2012، وقد طلبت تثبيتها. تبعا لهذا الطلب، رأى وزير التنمية الإدارية أنه يفرض اعتماد معالجة واسعة تشمل شريحة كبيرة من أصحاب الإعاقة من الذين تتوافر فيهم الشروط العامة لدخول الوظيفة العامة، باستثناء شرط السن. وإذ اقترح وزير العمل بالتنسيق مع هذا الأخير إعادة العمل بالقانون 606 على مجلس الوزراء بتاريخ 19 حزيران 2012، تمت إحالة مشروع القانون إلى هيئة التشريع والاستشارات التي أبدت قبولها السير بمشروع القانون بتاريخ 8/7/2012. وقد بررت الهيئة موقفها أنه “في الحالة الحاضرة حيث تتقاطع حاجات حسن سير المرفق العام مع غايات اجتماعية عليا التي توجب أن تؤمن الدولة فرص عمل مستقر لذوي الاحتياجات الخاصة، وهذه الغايات تفي بالمصالح الاقتصادية العامة للدولة التي توجب الاستفادة من مؤهلات شرائح اجتماعية يمكنها الإنتاج كي لا تصبح عبءاً على الدولة”. وأضافت الهيئة، “أنه من صالح الدولة الاجتماعي السير بمشروع القانون”. كما وافقت وزارة المالية على المشروع أيضاً.

بالمقابل، بتاريخ 17 تموز 2012، أبدى مجلس الخدمة المدنية رأيا مغايرا برفض السير بمشروع القانون. فعلى صعيد حق الأشخاص المعوقين بالعمل عموما، رأى المجلس أن “القانون رقم 606 كان له ما يبرره في حينه، حيث لم تكن قد وضعت بعد أحكام ترعى أمور المعوقين على نحو ما جرى عليه في القانون 220”. وطلب المجلس تنصيب الجهود على تطبيق ما ورد في القانون 220، لافتا إلى الخطوات التي قام بها في إطار تنظيم مباريات الدخول وتأمين “التسهيلات اللازمة للمرشحين من الأشخاص المعوقين في المباريات التي يجريها، وعلى إعطائهم الأولوية في التعيين دون حصرهم في حدود وظائف عامة”. أما بخصوص الأشخاص الذين تجاوز سنهم السن القانونية للتقدم لمباراة توظيف، أوصى مجلس الخدمة المدنية باعتماد خيار آخر يمكن المتعاقدين من التثبيت في وظائفهم دون حصر القضية في نطاق الأشخاص المعوقين فقط. وقد أوضح المجلس في هذا الصدد أنه بتاريخ 6/7/2012 أعد مشروع قانون بهذا الشأن ورفعه إلى مجلس الوزراء.

وبتاريخ 10 تشرين الأول 2012، حسم مجلس الوزراء النقاش بالموافقة على مشروع إعادة العمل بالقانون رقم 606. وعليه، تمت إحالة مشروع القانون المذكور إلى مجلس النواب.

مشروع القانون في عصارة التشريع

ولكن، أين أصبح مشروع القانون؟ عن هذا الأمر، يوضح المحامي طارق حجار الذي يتولى متابعة هذه القضية مع بعض الأشخاص المعوقين للمفكرة “أن المشروع عالق في لجنة الصحة العامة والعمل والشؤون الاجتماعية في مجلس النواب ولم يتم تحريكه منذ نحو خمس سنوات”. ولدى بحثنا في الموقع الالكتروني لمجلس النواب لا يظهر أي معلومة دقيقة عن المشروع، سوى أنه بتاريخ 3 كانون الأول 2013، طلبت اللجنة المذكورة إعادة مشروع القانون إلى الحكومة. من جهته، يشدد الحجار على أنه حاول الوصول للمعلومات حول مآله، إلا أنه تبين له أن معظمهم لا يعرف أية معلومة عن هذه المسألة.

ويطلعنا الحجار أنه جال مع عدد من الأشخاص المعوقين على غالبية الأقطاب السياسية بهدف حث السلطات على البت بالقانون. ويؤكد الحجار أنه خلال الزيارة التي قاموا بها منذ أشهر إلى الرئيس الحريري، لمسوا منه تفهماً لأهمية المشروع. كما لفت الحجار إلى أن الوفد قد تطرق إلى مسألة القانون 220 الذي لا تزال معظم بنوده غير قابلة للتطبيق بسبب تلكؤ السلطات عن البت بالمراسيم التطبيقية المطلوبة لتنفيذه. وقد أكد في هذا الصدد، أن الحريري وعد بأن يتم العمل على إصدار هذه المراسيم خلال شهر واحد. من ناحية أخرى لم يلمس الوفد أي تجاوب جدي من قبل الجهات السياسية الأخرى.

حراك على نطاق ضيق: أنصفونا في العمل

قابلت المفكرة بعض الأشخاص المعوقين الذين يعملون في الإدارات العامة. ويلحظ أن هؤلاء يتفادون الوسائل الإعلامية ومعها الجمعيات المدنية المختصة بأوضاع الأشخاص المعوقين، لخشيتهم من أن يؤدي توجههم إلى هؤلاء إلى خسارة وظيفتهم أو التضييق عليهم في العمل. ولدى مطالعة المفكرة لهذا الملف تبين أن غالبية الأشخاص الذين يحاولون الوصول إلى سبيل لأجل إصدار القانون 606 هم من المكفوفين. وهؤلاء رغم أنهم حائزون على شهادات عليا في اختصاصات متنوعة إلا أن الإدارة لم تفتح لهم الأبواب للإنخراط في الوظائف التي تناسب إمكانياتهم، حيث انحصرت فرص العمل أمامهم في السنترالات التابعة للإدارات. يقول أحد الأشخاص المكفوفين، أنه حائز على شهادة جامعية تخوله التعليم في الجامعات، إلا أن الوظيفة الوحيدة المتاحة أمامه هي السنترال. وعلى الرغم من عدم تناسب الوظيفة مع إمكانياتهم التعليمية العليا، يشدد هؤلاء على أهمية وظائفهم بالنسبة إليهم إذ لا يأملون بأن يتمكنوا من التوظف في أفضل منها.

في السياق نفسه، كل ما يرمون إليه من خلال مطالبتهم بتثبيتهم هو أن يتمتعوا بالاستقرار الوظيفي وما يتيحه من مكاسب ما يزالون محرومين منها. يذكر أن بعضهم يعملون بصفة متعاقد مسجلين لدى الضمان الاجتماعي. البعض الآخر غير مسجل في الضمان الاجتماعي، مما يحرمهم من مجمل منافعه ومن أبرزها الضمان الصحي وتعويضات نهاية الخدمة. كما أن بعض المياومين منهم يعملون بأجر أدنى من سواهم من الموظفين غير المعوقين، فيما هم يقومون بالأعمال نفسها.

حق العمل من خلال القضاء

تؤكد رئيسة اتحاد المقعدين سيلفانا اللقيس أن التمييز ما يزال قائماً حتى اليوم في مجال التوظيف، إن كان في القطاع العام أم القطاع الخاص. وهنا تذكر اللقيس عدم التزام الدولة اللبنانية في تنفيذ كامل جوانب القانون 220، حيث تذرعت السلطات في غالب الأحيان بعدم صدور المراسيم التطبيقية لتنفيذه. وهي تشير أنه تبعا لمخالفة وزارة العمل وإدارة الصنوق الوطني للضمان الاجتماعي لواجباتهما في هذا الخصوص، لجأ الاتحاد إلى القضاء واستحصل على قرارات قضائية من مجلس شورى الدولة بتاريخ 13/2/2017، بإلزام الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي التأكد من مدى التزام أصحاب العمل في المؤسسات المتوسطة والكبيرة بموجب توظيف ذوي الإعاقة وعدم إصدار براءات ذمة في حال المخالفة. كما أوجب على وزارة العمل جباية غرامات من المؤسسات الكبرى المخالفة.

من جهة أخرى، تؤكد اللقيس أن أهم الأسباب التي حالت دون تطبيق بنود القانون هو أن القانون 220 قد أكد على إنشاء الهيئة الوطنية لشؤون المعوقين والتي يقوم دورها على متابعة التزام الإدارات بالقانون 220. إلا أن المشكلة الأساس تكمن في طبيعة تكوين هذه الهيئة. إذ أنها غير مستقلة تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية ويرأسها الوزير. “الأمر الذي يحول دون قيامها بعملها بالشكل المناسب إذ لا سلطة لها لإلزام كافة الإدارات بتطبيق القانون” وفقاً للقيس. تضيف، كان من “الأفضل أن تكون الهيئة سلطة مستقلة عن باقي الوزارات، يكون لها المقدرة على فرض تطبيق القانون على كافة الإدارات بدلاً من أن تكون تحت وصاية الوزير”. وقد حال هذا الأمر إلى ما يشبه بركود عملها “وقد مرت 17 سنة دون أي عمل جدي يُذكر، فهي تشتكي أكثر من أن تفرض تطبيق القانون”. في هذا السياق، تشير اللقيس إلى أنه “لهذا السبب تمنعنا كاتحاد عن المشاركة في الترشح لعضوية مجلس الهيئة”.

نشر في العدد 53 من مجلة المفكرة القانونية،