اصدرت جمعيات “الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركيا”، “الاتحاد اللبناني للصم”، “الجمعية الوطنية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة”، “الجمعية اللبنانية للمناصرة الذاتية”، “المنتدى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة”، “جمعية الشبيبة للمكفوفين” ومركز تعليم الصم، بيانا بمناسبة “اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة جاء فيه: “يصادف الثالث من كانون الأول اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة. وهو اليوم نفسه الذي اقره مجلس الوزراء اللبناني اليوم الوطني للدمج، لقد أقرت الأمم المتحدة هذا اليوم لتؤكد أن قضية الإعاقة هي قضية حقوق انسان، وأن الهدف هو أن تنتهج الحكومات عند تعاطيها مع قضية الإعاقة مقاربة حقوقية ترتكز على حق الشخص من ذوي الإعاقة في العيش بكرامة ضمن بيئته ومجتمعه. إن الدمج يجب أن يكون الهدف الاستراتيجي لأي سياسة أو برنامج حكومي ومجتمعي معني بقضية الإعاقة. لقد أكدت الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على أهمية الانتقال من دعم السياسات القائمة على التوجه الرعائي إلى تبني البرامج المرتكزة على الحق والدمج”.
اضاف البيان: “كم يؤسفنا أن لبنان لم يقم حتى الآن بالتصديق على الاتفاقية الدولية، ولم تزل سياسات الحكومة تقوم على دعم النهج الرعائي عن طريق تمويل مؤسسات الرعاية فقط، التي مرجعية الكثير منها تعود للهيئات السياسية والدينية القائمة في البلد. وما نود ان نؤكده في هذه المناسبة، كجمعيات تمثل الأشخاص ذوي الإعاقة، أن قضية الاعاقة هي ملك أصحابها وهم وحدهم، ومن خلال ممثليهم، أصحاب الحق في التحدث باسم القضية والدفاع عنها. وجل ما يطلبه الأشخاص ذوي الإعاقة في لبنان أن تقوم الدولة باعتماد السياسات القائمة على الدمج والحماية الإجتماعية وأن تتحمل كل وزارة مسؤوليتها في هذا المجال. وعليه فلا تقتصر مسؤولية الدولة بعقد شراكات مع جمعيات رعائية التي تخدم ما يقارب العشرة آلاف مستفيد، بينما عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في لبنان يتخطى المئة ألف شخص. فدور المؤسسات هو تقديم الخدمات المتنوعة والمختصة المطلوبة لضمان اكبر قدر من العيش باستقلالية والاندماج في المجتمع، ويعود للأشخاص ذوي الإعاقة أنفسهم حرية الاختيار والقرار في نوعية الخدمات التي تقدم لهم”.
وختم: “نؤكد هنا على أن المطلوب من الدولة هو اعتماد تصنيف علمي للاعاقة يضمن لكافة انواع الاعاقات الحصول على إلاحتياجات المطلوبة وفقا لنوع الإعاقة ومتطلبات الدمج. كما أنه على الدولة ان تدعم البرامج الدامجة كتأمين السكن المؤهل والنقل المتاح والمدرسة الدامجة والرعاية الصحية والمعينات ومختبر لغة الإشارة والعمل اللائق ، إلى جانب تبني استراتيجيات التدخل المبكر والحماية الاجتماعية والاندماج الكامل، بهدف ان نضمن لكل شخص من ذوي الإعاقة ان يكون صاحب القرار بكل ما يعنيه، وصولا الى العيش بكرامة واستقلالية”.
تسعة عشر عاماً مرّت على صدور القانون 220/2000 الخاص بالأشخاص المعوّقين ولم ينفذ منه سوى القليل. وحتى يومنا هذا، وفي تناقض مع التوجّه الدولي واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لم تزل الدولة اللبنانية تعتمد سياسة الرعاية والعزل لهؤلاء الأفراد عن بيئتهم ومجتمعهم، وتكتفي بتمويل رعاية ما يُقارب 9000 شخص، بينما عددهم في لبنان يتخطّى الـ100 ألف.
طرحت “حركة الإعاقة من أجل حقوق الإنسان” هذه المعطيات في بيان تلته بعد مسيرة نفّذتها من بشارة الخوري في بيروت نحو ساحة الشهداء. واختارت الحركة توقيت المسيرة عشية عيد الاستقلال تحت شعار “حرية وكرامة للكل… في وطن للكل”، لتكون واحدة من التحركات الاحتجاجية التي تندرج تحت مظلّة “ثورة 17 تشرين الأول”. وتوجّه العشرات من الأشخاص المعوّقين ومناصريهم من الشمال والجنوب وبعلبك والبقاع ومن بيروت للمشاركة في المسيرة بهدف رفض سياسات الرعاية والعزل المعتمدة من قبل الدولة اللبنانية، والمطالبة بتبنّي سياسات تعزز مبدئَي الدمج والعيش باستقلالية، وفق ما جاء في البيان. وطالبوا بتنفيذ بنود القانون 220، والتوسّع أكثر لناحية الضغط لجهة تبنّي لبنان الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، بخاصة وأنّ القانون المذكور قد مرّ عليه الزمن وأصبح بحاجة أن يتماهى مع التطورات والتغيرات الاجتماعية.
وسار أشخاص مقعدون على كراسيهم المدولبة ومعهم مكفوفون وصم وفئات متعددة من المواطنين المهمشين، بمواكبة قوى الأمن الداخلي، وتوجّهوا إلى ساحة الشهداء هاتفين “قالوا عنّا معاقين… لا طبابة ولا تعليم… من التنقّل محرومين، عن العمل ممنوعين”، “بيكفي قهر وبيكفي جوع، عن الثورة ما في رجوع”. وتقدّمت المسيرة يافطة كُتب عليها عبارة “حقوق الإنسان للكل… في وطن للكل”. وحمل أحدهم دلو ماء صغيراً وضع فيه بطاقة الشؤون الاجتماعية الخاصة بالأشخاص المعوّقين وكتب فوقها “بلوها واشربوا ميّتها”، للدلالة على أنّ البطاقة هي لزوم ما لا يلزم، ولم تضف شيئاً يُذكر على حياتهم. ومن باب السخرية يختصر عضو الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوّقين حركياً مسألة البطاقة لـ”المفكرة” بالقول “لديها استخدامات متعددة مثل أن نستعملها فاصلاً في الكتاب لنحدد أين وصلنا في القراءة، أو كركيزة تحت كوب الشاي”.
الإعاقة هي نتيجة سياسات الدولة
أجمع عدد من المشاركين في المسيرة على أنّ “الإعاقة ليست مشكلة في الفرد إنما في الدولة وسياساتها المجحفة التي تُعيقه عن الاندماج وممارسة واجباته الأساسية والوصول إلى حقوقه”. فلا وسائل نقل عام تتيح له التنقل بمفرده، وهو محروم من العمل وبالتالي من الاستقلال المادي، وأحياناً كثيراً من التعلّم وممارسة الرياضة والحصول على الطبابة.
وشدد بيان الحركة على أنّ “التغطية الصحية الشاملة، التعلّم في المدارس الدامجة، حرية التنقل والمشاركة في الانتخابات البلدية والنيابية، واعتماد لغة الإشارة مشتركة، وحق السكن المؤهّل واللائق” هي حقوق للجميع لن يعود مقبولاً بعد اليوم أن تُحرم منها فئات وأن تتمتع بها فئات أخرى. وتابع: “اليوم نؤكد أن الصّحة للجميع والعلم للجميع والعمل للجميع والضمان الاجتماعي للجميع وحرية التنقل للجميع والمشاركة السياسية للجميع والسكن للجميع، والعيش المشترك للجميع والحياة الكريمة للجميع”.
وتشارك قراءة بيان الحركة، رئيسة الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوّقين حركياً سيلفانا اللقيس ورئيس المنتدى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في لبنان د. نواف كبارة.
المجتمع الدامج ضمانة لحقوق الإنسان
وقبل يوم من المسيرة شاركت اللقيس في ندوة تلاها حوار في موقف العازارية تمحور حول قضية الأشخاص المعوّقين. وانطلقت اللقيس من تفسير المفهوم الاجتماعي للإعاقة وحتمية بناء المجتمع الدامج، إذ أكدت أنه “المجتمع الذي يأخذ بعين الاعتبار كل فئاته، النساء والرجال والأطفال وكبار السن والأشخاص المعوقين”. وأشارت إلى أن 15% من سكان لبنان هم من الأشخاص المعوّقين، وهؤلاء لا يتمتعون بالحقوق، والسياسات التي تعتمدها الدولة والتي تزيد من تجاهلهم تعيق تمتّعهم بحياة كريمة. ولفتت اللقيس إلى أنه “لا يُمكن التكلم عن حقوق الإنسان ما لم تنظر الدولة بكافة الفئات من مواطنيها”. وانطلاقاً من طرحها لمفهوم المجتمع أرادت اللقيس أن تُقدم صورة واضحة عن المفهوم الحقيقي للشخص المعوق، “وهو ليس شخصاً لديه مشكلة يجب حلّها، بل هو شخص يتعرّض للتمييز والأحكام المسبقة ويعيش في مجتمع يتجاهله، مما يُعيقه عن العيش بكرامة”. واعتبرت أنّ المجتمع عليه أن يُلبّي احتياجات كافة فئاته، مشيرة إلى أن هذه الفئات تشمل الأشخاص المعوّقين أيضاً. لذلك، فإنه بالنسبة للقيس لا يُمكن أن يكون المجتمع متكافئاً إن لم يرعَ كافة الفئات، من دون أحكام مسبقة، ومثلما يتم تأمين أسواق تجارية تناسب فئة من المواطنين، فإن هذه الأسواق عليها أن تناسب الفئات الأخرى”.
وما يحصل في لبنان برأيها هو أنّ الدولة لا تزال تعتمد سياسة تقليدية استندت منذ عقود على عزل الأشخاص المعوّقين، وتطويعهم ضمن النظام الرعائي، مما يمنعهم من العمل والتعلّم ويُكبد الدولة خسائر اقتصادية بسبب تجاهلها لقوى فاعلة في المجتمع وقادرة على تحريك الاقتصاد. وتأسف اللقيس لإن غالبية الجمعيات المعنيّة بالأشخاص المعوقين هي جمعيات غير احترافية وبخاصة تلك التابعة لزوجات السياسيين.
القانون رقم 220 لم ينفذ منه سوى القليل
وذكّرت اللقيس بمرور 19 عاماً على صدور القانون 220 لعام 2000 الخاص بحقوق الأشخاص المعوّقين في لبنان الذي ما كان ليصدر لولا نضالات حركة الإعاقة. ولكن للأسف منذ ذلك الوقت لم يطبّق القانون بشكل كامل حيث ارتبطت العديد من بنوده بالمراسيم التطبيقية. وتطرقت اللقيس بشكل خاص إلى مسألة ضرورية وهي تأهيل المباني وتجهيزها ليتمكّن الأشخاص المعوّقون من استخدامها لاسيّما من خلال المنزلقات، والحمامات الواسعة، ولغة الإشارة وغيرها.
وكان أول مرسوم صدر في هذا المجال عام 2009، وهو المرسوم رقم 2214 الذي حدّد الإجراءات والتدابير المتعلقة بتسهيل مشاركة ذوي الاحتياجات الخاصة في الانتخابات النيابية والبلدية. وعام 2011 صدر المرسوم رقم 7194 الذي حدد معايير الحد الأدنى التي يجب على أساسها أن تؤهل السلطات الأبنية والمنشآت والمرافق العامة والدوائر الرسمية القائمة ضمن مهلة انتهت في نهاية 2017.
ولكن للأسف لم يطبّق أي مما نص عليه المرسوم، حيث جرت ثلاثة استحقاقات انتخابية (الانتخابات البلدية والاختيارية لعامي 2010 و2016، والانتخابات النيابية للعام 2018) منذ صدوره من دون أن يتمتع الأشخاص المعوقون بحقوقهم الانتخابية وباستقلالية المشاركة من دون الانتقاص من كرامتهن. وعام 2018 جرت الانتخابات من دون احترام حقوق الأشخاص المعوّقين فيها، لا لناحية تجهيز مراكز الانتخابات لسهولة التنقل ولا لناحية تأمين لغة الأشخاص الصُم أو المكفوفين، وهو ما استدعى تلقي المساعدة من آخرين ما أثّر على استقلاليتهم. ولا ننسى المواجهة التي حصلت أمام أحد مراكز الاقتراع في بيروت بين اللقيس ورئيس الحكومة سعد الحريري حيث قالت له إن وزير الداخلية آنذاك نهاد المشنوق “كذب علينا” فهو كان قد وعد قبل الانتخابات بتجهيز المراكز ليتمكن ذوو الإعاقة من استخدامها وهو ما لم يحصل. وحينها وعد الحريري أن يأخذ هذا الموضوع على عاتقه، وتبعه تصريح للمشنوق خلال مؤتمر صحافي ألقى فيه المسؤولية على “مجموعة كانت مكلّفة بالملف ولم تقم بأي شيء جدي… وما حصل هو خطأ إداري”. ووعد حينها أن يطرح المسألة في الجلسة الأولى لمجلس الوزراء.
شددت رئيسة الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركيا سيلفانا اللقيس على
“ضرورة تهيئة القرارات لبيئة دامجة لأنه حق انساني وعدم تطبيقه يخرق اتفاقية
ويضعف التماسك الاجتماعي”، وتمنت على الجميع اعتماد “تسهيل الحركة
لتعزيز الحياة الدامجة للاشخاص المعوقين في المدينة” بدءا من نقابة المهندسين،
التي “نأمل ان تفتح دورات خاصة لشرح هذا الدليل وكيفية تطبيقه وصولا الى كل
الشرائح”. وشرحت المعوقات في التعامل مع التنوع.
كلام اللقيس جاء خلال إطلاق نقابة المهندسين في بيروت دليل “تسهيل الحركة لتعزيز الحياة
الدامجة للاشخاص المعوقين في المدينة”، بمشاركة وزير الشؤون الاجتماعية ريشار
قيومجيان وممثل وزير الاشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس المدير العام للنقل البري
والبحري عبد الحفيظ القيسي ورئيس اتحاد المهندسين اللبنانيين النقيب جاد تابت
والمديرة العامة لمؤسسة المواصفات والمقاييس لانا درغام وحشد من المهندسين
والمهتمين.
بعد النشيد الوطني والتعريف، القت المعمارية ماريا الحلو كلمة رئيس
لجنة العناية بالاشخاص المعوقين راشد سركيس قالت فيها: “اجمل ما في هذه
الوقفة الانسان، واحلى ما فيها الانسان. كلماتي تحفر في شكل مختلف، فالهندسة تتبوأ
تظاهرة القيم الانسانية، والشعور الدافىء لخير المجتمع. وليت الكل يسمع ما يقوله
العلم في كل امر، لكنا وقرنا الكثير من العقبات والاعاقات والمعوقات التي لا يمكن
لاحد التفلت من الاعتراف بوجودها وبآثارها السلبية على الوطن من كل جهة”. وشكرت
كلا من النقباء بلال العلايلي وخالد شهاب وجاد تابت الذين “ساهموا وضعوا كل
في مرحلته، مساهمات ولمسات في الدليل”. كما نوه بالمؤسسة العامة للمقاييس
والمواصفات على “المساعدة في الوصول إلى عتبة وضع مواصفات لبنانية، نضج منها
ما يتعلق بالمصاعد”.
من جهته، أكد تابت أن “قضية التنقل في المدينة تشغل الحيز
المحوري في بنيتها وأهم ما فيها تسهيل الحركة للفئات الأكثر ضعفا: الأطفال
والمسنون والأشخاص المعوقون. وتمثل سهولة الحركة والتنقل الحر في المدينة وفي
المباني السكنية وأماكن العمل والأماكن العامة حقوقا أساسية لجميع
المواطنين”. وقال: “من واجباتنا الأساسية كمهندسين، مصممين ومنفذين، أن نعمل
على تحسين البيئة العمرانية وأن نحرص على اعتماد المبادىء التي تسمح بتعزيز الحياة
الدامجة للأشخاص المعوقين وذلك خلال كافة مراحل العمل الهندسي، بدءا بتصميم
الأماكن العامة التي تؤمن للجميع حرية التحرك والتنقل والمشاركة الكاملة في الحياة
الاجتماعية، مرورا بدراسة المباني السكنية وأماكن العمل بحيث يتمكن الأشخاص
المعوقون من التنقل فيها دون أن تواجههم عوائق وحواجز تمنعهم من العيش المستقل
واستعمال كافة الخدمات دون أي تمييز، وصولا إلى السعي الجاد لمراقبة التنفيذ بحيث
يتأمن فعليا تحول الحيز المديني إلى حيز دامج”. أضاف: “لقد
أطلقت نقابة المهندسين الدليل الأول لتسهيل حركة الأشخاص المعوقين في المدينة سنة
2012، بعد سنة من صدور المرسوم 7194. وقد صدر هذا الدليل باللغة الفرنسية بمساعدة
شركة APAVE لبنان والمؤسسة
اللبنانية للمقاييس LIBNOR
ومرصد مجال في كلية البا – جامعة البلمند والاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين. وقد
كان لصدور هذا الدليل أهمية خاصة، إذ سمح لأول مرة في لبنان بإلقاء الضوء على
التدابير العملية التي على المهندسين أن يتبعوها في تصميم المباني والأماكن العامة
من أجل تأمين حيز دامج للجميع. وبعد تسلمي مهامي كنقيب للمهندسين، أصررت على ضرورة
الانطلاق من هذه الخطوة الأولى لإصدار نسخة جديدة منقحة باللغة الفرنسية تشتمل على
بعض التفاصيل الإضافية والعمل على اصدار نسخة كاملة باللغة العربية تصبح أداة
فعالة يستعين بها كافة المهندسين، فيصبح لدينا مرجع مهني تقني متطور يسمح لنا
بتصميم بيئة عمرانية دامجة. وبالفعل، لقد أبصر هذا الدليل النور بفضل تضافر جهود
فريق من المتطوعين الذين لا بد لي إلا أن أوجه كلمة شكر وتقدير لعملهم”. وتابع:
“بكل فخر، تقدم نقابة المهندسين اليوم هذا الدليل الجديد الذي يشكل خطوة
متقدمة في سبيل تأمين حقوق الأشخاص المعوقين في المدينة، كما تؤكد حرصها على
الاستمرار بالعمل من أجل التوصل إلى تحويل حيزنا المديني إلى حيز دامج”. وأكد
“أهمية اعتماد التدابير الفعالة التي تسمح بتطبيق مضمون المرسوم 7194 بشكل
كامل، ومنع أية محاولة للتهرب من تطبيق ما جاء في هذا المرسوم إن بسبب ذرائع واهية
أو بسبب الإهمال وانعدام المسؤولية”. وقال: “إذ
تؤكد نقابة المهندسين استعدادها الكامل لتحمل كامل مسؤولياتها، فهي تؤكد في نفس
الوقت على ضرورة أن تقوم دوائر التنظيم المدني والبلديات والمؤسسات العامة بما
يترتب عليها من واجبات من أجل مراقبة احترام التدابير التي تنص عليها القوانين كي
لا يبقى لبنان في مؤخرة الدول من حيث تطبيق اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص
ذوي الإعاقة التي أقرت منذ سنة 2007”. أضاف:
“أريد أن أشكر كلا من معالي وزير الاشغال العامة ووزير الشؤون الاجتماعية،
كما أشكر الجمعيات الاهلية، الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين والمنتدى لحقوق
الأشخاص ذوي الإعاقة واتحاد جمعيات المعوقين اللبنانيين والزملاء بشار عبد الصمد
وسرج يازجي ونسيب نصر لمشاركتنا هذا اللقاء”.
بدوره، نقل القيسي تحيات وزير الأشغال واعتذاره “الشديد عن عدم
مشاركته في هذا الحفل لأسباب خارجة عن إرادته”، وقال: “إنه لشرف لي أن
أمثل معالي وزير الاشغال العامة والنقل في هذه المناسبة وأن ألقي كلمة معاليه
بالنيابة عنه”. أضاف: “نأتي دوما إلى بيتنا، بيت المهندس، لنعبر عن آرائنا في
هذا الصرح المفعم بالحضارة والعلم والثقافة النوعية، ونتشاور في معالجة جميع نواحي
الحياة المدينية ونضع الخطوات العملية لتطبيقها. وأرقى ما نقوم به اليوم في هذا
الصرح هو مقاربة حقوق الإنسان بكافة شرائحه وإعطائه القدر الكافي من العناية
والرعاية التي نعتبر تأمينها واجبا على الدولة من خلال تضافر جهود كافة الإدارات
العامة لتحقيق خطوات تنفيذها”. وتابع: “إن الأشخاص المعوقين هم
شريحة أساسية في مجتمعنا، ولا يمكن أن نكون فاعلين في مجتمعنا ما لم يتكامل العمل
بين كافة شرائحه وقيام كل شريحة بدورها ومكانتها في الإقتصاد الوطني. إن تطور
المجتمعات والإرتقاء بها لا يمكن تحقيقه ما لم تتمتع كل من شرائحه بكامل حقوقها،
وإلا فإننا نكون على درب الإنهيار الإجتماعي والإقتصادي. إننا في وزارة الأشغال
العامة والنقل نعمل جاهدين عند إعداد المشاريع إلى التأكد من أنها قد أخذت بالإعتبار
خدمة كافة المواطنين، لا سيما أحبائنا الأشخاص المعوقين الذين نوليهم عناية مضاعفة
لتأمين خدمتهم ومتطلبات تنقلاتهم. إن هذا الأمر هو في صميم اهتماماتنا، وقد
أوليناه العناية اللازمة عند إعداد الدراسة الشاملة على مستوى الوطن لتأمين خدمة
النقل لكافة المناطق اللبنانية من خلال شبكة متكاملة للنقل العام للركاب وتحديد
متطلبات خدمتها”.
أما قيومجيان فقال: “يسرني أنني موجود في النقابة التي بذلت
جهدا لطباعة دليل، لتسهيل امور اصحاب الاحتياجات الخاصة أو ذوي الاحتياجات الصلبة
كما تريدون تسميتهم، نحن بحاجة الى كثير من العمل. انا اود ان اهنىء النقيب ونقابة
المهندسين وكل الذين عملوا على هذا الدليل من كتاب وباحثين وناشرين ليصدر هذا
الدليل ويكون بمتناول المهندسين وكل من يحتاج اليه خصوصا في عملية تشييد المنازل
والاماكن العامة والشوارع والطرقات وكل ما يعنى بحركة ذوي الاحتياجات الخاصة،
واكثر من ذلك ليس فقط لذوي الاحتياجات الخاصة بل للمسنين، للصم ولفاقدي البصر
الذين يحتاجون الى ان تكون الابنية مجهزة بحيث ان هناك تطورا بالنسبة لفاقدي البصر
في الدول المتحضرة من خلال اشارات سير معينة يتبعها باللمس. كما ان هناك ابجدية
خاصة بالصم يمكنهم قراءتها، فضلا عن وسائل خاصة بالاتصالات والهواتف، فهذه اصبحت
من البديهيات في الدول المتحضرة والتي يجب ان نسعى لانجازها في هذا البلد”. أضاف:
“لقد اصبحنا في مواقع متقدمة من حيث التجهيزات لذوي الاحتياجات الخاصة بعدما
كنا نعتبر ان ممرا لكرسي متحرك هو انجاز، وهنا نشكر النقابة ووزارة الاشغال على
دورهما الفاعل للوصول الى وضع نموذجي لتسهيل الحركة ليس فقط لذوي الاحتياجات
الخاصة بل لكل من يحتاجها. وهنا يجب التعاون بين كل الوزارات المعنية لوضع
استراتيجية تشاركية لتسهيل حياة الناس الذين يحتاجون لمثل هذه التجهيزات”. ونوه
بنقابة المهندسين التي “لا تصدر رخصة بناء الا وتكون كل المواصفات الفنية المطلوبة
لذوي الاحتياجات الخاصة ملحوظة فيها، لكن الرخصة لا تكفي انما الحاجة هنا للمتابعة
الجدية الى المراقبة الفعالة لتطبيق الشروط المطلوبة كاملة في الداخل والخارج. كما
انه يجب ان يكون هناك مساهمة للبلديات في عملية المتابعة والمراقبة”.
ثم بدأت جلسة مناقشة حيث كانت مداخلة لكل من مدير الجلسة المعمار
بشار عبد الصمد حول مضمون الكتاب، وتناولت المناقشات التدابير العملية لتأمين حقوق
الاشخاص المعوقين في الخيز الحضري، وتحدث فيها كل من سيلفانا اللقيس ونواف كبارة
والمعمار سيرج يازجي والدكتور موسى شرف الدين والمهندس نسيب نصر.
وتناول كبارة المعاهدة الدولية للاشخاص المعوقين التي اقرت في العام
2006 ووقعها لبنان ولكن لم يصادق عليها مجلس النواب نتيجة الحكومة التي سميت بتراء
عام 2007، والصراع السياسي الذي دار ونتج عن ذلك تجميد 66 مشروع قانون من بينها
المصادقة على هذه الاتفاقية الدولية.
وعرض شرف الدين للاسباب التي تحول دون خروج بعض ذوي الحاجة الخاصة من
بيوتهم لفترات طويلة والعائدة الى “عدم توفر التجهيزات اللازمة في معظم
الاماكن التي يبغون ارتيادها والذي هو حق بدورة الحياة بالتعايش مع الاخرين،
وضرورة الاعتراف بالتنوع الاجتماعي لوضع معايير ومقاييس لاناس محددين مع ضرورة ان
تراعي تنوعهم وتسهيل حركتهم”.
وتطرق يازجي الى مسألة “مرصد مجال الذي يشبك بين البحث التطبيقي
والخبرة المهنية في المباني وخلق جسور، والهدف من هذا المرصد هو التواصل مع
الهيئات المدنية لبلورة هذه السياسة ومحاولة تطبيقها”، مشيرا الى ان
“الدليل يمتاز بمواصفات تقنية موجودة ومختلفة عن دلائل عالمية”.
وتناول المهندس نسيب نصر عملية اصدار الدليل وطباعته بنسخه مع مجال
والمهندس راشد سركيس الذي كان “صلة الوصل مع النقابة” وما يحتويه من
عوامل تقنية يمكن تطبيقها في الانشاءات، مؤكدا ان “للدليل وجهين: وجه تقني
يحتوي على المعلومات موجهة الى المهندس والفني وكل من يتعاطى بهذا الموضوع، والوجه
الثاني هو المواطنية. وما ينقصه هو التشريع والتطبيق”.
عمل الاتحاد على اختيار القرى التي أقيمت المخيمات فيها وفق سياسة نشر قضية حقوق الأشخاص المعوقين واستقطاب أكبر عدد ممكن من المناصرين، فكان على فريق المخيم أن يقوم بعلاقات مع مفاتيح الأماكن المقترحة للتخييم قبل أشهر من التنفيذ، تخلل ذلك التعرف إلى أهل القرية للإعلان عن المخيم، ودعوتهم للمشاركة في الأنشطة الترفيهية.
كما استقطبت المخيمات الإعلام من مرئي ومسموع ومكتوب. أما برامج ومواضيع التدريب فكانت توضع بحسب احتياجات برامج العام، فكل كادر يتدرب بمواضيع من صميم البرنامج المتابع، وبحسب تفاوت المستويات والقدرات، فيأتي برنامج المخيم متنوعاً من حيث الورش التدريبية، وترافقه عادة ورش غير اختيارية تحدد الإدارة المتدربين فيها، وورش اختيارية يستطيع من يرغب أن يتابعها. تعقد هذه الورش بمستويين، مستوى للملمين بالموضوع، وآخر للمستجدين. تصب نتيجة الورش في خدمة رؤية الاتحاد وقضيته العامة في مجال التدريب. بعد انتهاء كل مخيم، كان يزداد عدد المتطوعين والمتطوعات في مراكز الاتحاد، وذلك عبر الأصدقاء الجدد أو الجامعيين أو أفراد جمعيات أخرى، ممن شاركوا في المخيم وتبنوا قضية الإعاقة، ويتطور أداء الفرق العاملة الخاضعة لدورات المخيم التدريبية في جميع البرامج.
في الحلقة السادسة من تاريخ اتحاد المقعدين اللبنانيين نعرض لمسيرة المخيمات التدريبية الحقوقية…
في الحلقة الخامسة من تاريخ اتحاد المقعدين اللبنانيين نعرض للحملة المطلبية المستمرة للأشخاص المعوقين في لبنان. فقد عمل الاتحاديون منذ فترة الاستقرار الأمني ما بعد اتفاق الطائف، على جمع المعلومات المتعلقة بقضايا الإعاقة في لبنان، من خلال مسوح ميدانية، وذلك بغية ترتيب مطالبهم، وإكسابها صيغة علمية كما تقتضي استراتيجية الحملة المطلبية المستمرة.
فجمعت المعلومات المتعلقة بأعداد الأشخاص المعوقين، الإعاقات الأربع، حاجات الأشخاص المعوقين، وأوضاعهم المعيشية. وقد جرى مسحان كبيران في منطقتي البقاع والجنوب. في الوقت نفسه كان يجري تدريب المتطوعين في الاتحاد حقوقياً وتأهيلهم من خلال دورات مكثفة، وقد أسهمت المخيمات الصيفية في قسم كبير منها، فكانت برامجها تضم ورش عمل حقوقية، مطلبية، نقابية، وتدريبات على الحقوق، مع مقارنة وضع لبنان بغيره من الدول التي كانت قد توصلت إلى تشريعات خاصة بالأشخاص المعوقين وحقوقهم.
لكن الحروب لم تترك الوطن الصغير لبنان ليرتاح. فلا تلبث أن تعود موجاتٌ من العنف كلما حاول الوطن استعادة بعض من قواه، والتقاط بعض من أنفاسه. فما كانت برامج الاتحاد، مع كل جولة من جولات الصراع، إن كان أثناء الأزمة، أو بعد زوالها وبقاء آثارها. وكان لا بد للاتحاد من التحرك في كل مرة…
تعرض الحلقة الرابعة من مسيرة اتحاد المقعدين اللبنانيين لعمله المتواصل
على حق الوصول، فمنذ الاجتماعات الأولى على كورنيش المنارة عام 1981 شعر
الاتحاديون بحاجة ماسة إلى التجهيز الهندسي، فالبيئة غير المجهزة كانت عائقاً كبيراً
يحد من حركة الأشخاص المعوقين ويمنع كثيرين منهم من الخروج من المنزل.
لكنهم كانوا تحت رحمة حرب أهلية مدمرة لم ترحم أحداً، بل كانت تزيد أعداد الأشخاص المعوقين بشكل
يومي. لم يستطع الاتحاديون التحرك ضمن أطر الضغط المطلبي إبان الحرب، بل تركز
سعيهم أثناءها إلى إيجاد السبل البسيطة من أجل تحركهم اليومي بما يضمن لهم التوجه
إلى أماكن عملهم واجتماعاتهم الأسبوعية، ومع انتهاء الحرب الأهلية بدأ العمل
المطلبي أثناء فترة إعادة الإعمار من دون ان يغفل الاتحاد التجهيز النموذجي لكثير
من الأماكن العامة والمدارس والبيوت.
تعرض الحلقة الثالثة من مسيرة اتحاد المقعدين اللبنانيين لعمل الاتحاد على
الإغاقة والطوارئ خلال سنوات الحرب الأهلية والعدوان الإسرائيلي المتكرر على
لبنان. فجمعية “اتحاد المقعدين اللبنانيين” تنتمي إلى عائلة الجمعيات
الحقوقية المطلبية، وقد ناضلت لعقود نحو تحقيق تكافؤ الفرص للأشخاص المعوقين، وما
زالت تحمل هذا الشعار باذلة بهيأتيها الإدارية والعامة كل جهد نحو تنمية الفرد
والمجتمع ليرقى إلى دمج اجتماعي تام للأشخاص المعوقين في المجتمع.
لكن الحروب لم تترك الوطن الصغير لبنان ليرتاح. فلا تلبث أن تعود موجاتٌ من
العنف كلما حاول الوطن استعادة بعض من قواه، والتقاط بعض من أنفاسه. فما كانت
برامج الاتحاد، مع كل جولة من جولات الصراع، إن كان أثناء الأزمة، أو بعد زوالها
وبقاء آثارها. وكان لا بد للاتحاد من التحرك في كل مرة…
تعرض الحلقة الثانية من تاريخ اتحاد المقعدين اللبنانيين لمسيرته الإعلامية، فانطلاقاً من سياسة الاتحاد نحو تعديل الأفكار المسبقة، والموروث الثقافي- الاجتماعي، تجاه الأشخاص المعوقين، أولى اهتماماً خاصاً تجاه الإعلام.
تعرض الحلقة الأولى من تاريخ اتحاد المقعدين اللبنانيين لفترة الحرب الأهلية اللبنانية منذ تأسيس الاتحاد في العام 1979 إلى العام 1989، وانتشار الاتحاد في بيروت والجنوب والبقاع.
ويعتبر الاتصال الهاتفي الذي أجراه ذو الفقار عبد الله، وتواصل من خلاله مع د. رامز حجّار، إحدى البدايات الأولى التي سبقت التأسيس. فقد أتى الاتصال الهاتفي بعد حلقة تلفزيونية بثت على الهواء، في كانون الأول 1979، بمناسبة التحضير للسنة العالمية للمعوقين، أي 1980، ضمت الحلقة كلاً من أمل إبراهيم ومؤنس عبد الوهاب (من الأشخاص المكفوفين) ود. أنطوان جنانجي، ود. رامز حجار (من الأشخاص المعوقين حركياً). عرض د. حجار أفكاره على الهواء يومها. تلك الأفكار حول جمع المعوقين فيما يشبه النقابة للمطالبة بحقوقهم، أعجبت ذو الفقار وزميله في العمل عبد العزيز الشعار، فبادر إلى التواصل مع د. حجار، ولم يمض وقت طويل قبل اجتماعهما به في غرفته في مستشفى الجامعة الأمريكية في بيروت، حيث يعمل.
رائع جدا أن نلتقي اليوم معا لنحتفل بحركتنا التي ولدت من خلال نضال كل شخص فينا، كان قد بدأ يناضل على مستوى حياته الشخصية، حيث يواجه التحديات والصعوبات اليومية، كل شخص على طريقته.
إلا أننا ومن خلال نقاشاتنا التي كنا نجريها ونحن في مراكز التأهيل وفي المشاغل المحمية، عندما كان كم هائل من الأسئلة يشغل بالنا، اكتشفنا ان جميع الأشخاص المعوقين في لبنان يواجهون التحديات والمصاعب نفسها، وأن الأسباب ايضا هي نفسها “التمييز”.