”راصدك“ – نشرة شهرية تصدر عن ”مرصد حقوق الأشخاص المعوقين في لبنان“ بدءًا من أيار/ مايو 2020. إعداد وتحرير: الوحدة الإعلامية في ”الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركيًا“ – LUPD
بالتعاون والتنسيق مع إدارة البرامج والمشاريع في الاتحاد.
ترحب النشرة بمقترحات الناشطين المعوقين ومساهماتهم،
الاتحاد يعلن عن تقديم خدمات مجانية
وفد الاتحاد في وزارة العمل
بتاريخ 20 تموز/ يوليو 2020، التقى وفد من “الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركيًا”، بوزيرة العمل لميا يمين في مكتبها في الوزارة (المشرفية). تألف وقد الاتحاد من رئيسته الزميلة سيلفانا اللقيس وعماد الدين رائف عن مرصد حقوق الأشخاص المعوقين في لبنان.
خلال اللقاء، شرحت الزميلة اللقيس للوزيرة مسار عمل الاتحاد على برنامج الدمج الاقتصادي والاجتماعي منذ عام 2005 إلى اليوم، وأوجزت لها حول المشاريع التي ضمها هذا البرنامج من مكاتب التوظيف إلى التأهيل والتدريب والتدخل مع المجتمع المحلي وذوي الأشخاص المعوقين، بالإضافة إلى مواكبة الشخص المعوق وصولا إلى حصوله على وظيفة وتحليل الوصف الوظيفي وتكييفه، ومواكبة الشركات المتعاونة وتدريب موظفيها وأقسام الموارد البشرية فيها، وإجراء دراسات تقييمية وهندسية للشركات كي تصبح على مسار التنوع.
وكانت الوزيرة يمين قد شددت على “ضرورة التعاون مع جميع الأطراف المعنية بما فيها المجتمع المدني من أجل تأمين عمل لائق للأشخاص ذوي الإعاقة”، متعهدة بعمل ما “في وسعها لتحقيق هذا الهدف ضمن خطة للوزارة في أسرع وقت ممكن”.
كما تناولت اللقيس أهمية الدراسات التي نفذها الاتحاد، والقائمة على تجارب عملية خلال العقد الماضي، حيث يمكن للوزارة البدء منها وتنفيذ النماذج التي قدمت.
نشرة راصدك – العدد الثالث – تموز 2020
”راصدك“ – نشرة شهرية تصدر عن ”مرصد حقوق الأشخاص المعوقين في لبنان“ بدءًا من أيار/ مايو 2020. إعداد وتحرير: الوحدة الإعلامية في ”الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركيًا“ – LUPD
بالتعاون والتنسيق مع إدارة البرامج والمشاريع في الاتحاد.
ترحب النشرة بمقترحات الناشطين المعوقين ومساهماتهم،
ديكادا – مواد راصدك – 8 –
مواد “راصدك” – أو “ديكادا”، ورقة تصدر كل عشرة أيام، ترصد العمل الرسمي تجاه قضايا الإعاقة والفئات المهمشة في لبنان في ظل أزمة “كوفيد -19” والضائقة المعيشية. تهدف إلى توثيق أعمال مجلس الوزراء والوزارات المعنية ومتابعة القضايا الملحة، وترفد نشرة “راصدك” الشهرية بنتائج هذا التوثيق.
ديكادا – مواد راصدك – 7 –
مواد “راصدك” – أو “ديكادا”، ورقة تصدر كل عشرة أيام، ترصد العمل الرسمي تجاه قضايا الإعاقة والفئات المهمشة في لبنان في ظل أزمة “كوفيد -19” والضائقة المعيشية. تهدف إلى توثيق أعمال مجلس الوزراء والوزارات المعنية ومتابعة القضايا الملحة، وترفد نشرة “راصدك” الشهرية بنتائج هذا التوثيق.
20 عاماً على القانون 220/2000: الأشخاص المعوقون مكانك راوح
المفكرة القانونية – لور أيوب
كثيرة هي القصص التي يمكن أن نرويها عن واقع الأشخاص المعوّقين في لبنان، هم الّذين صدر لهم قانون خاص عام 2000 ينصّ على حقّهم في العمل والعلم والتنقّل والطبابة وغيرها من الحقوق التي لم يتحقق منها شيء. واليوم بعد مرور عشرين عاماً على صدور القانون وبالطبع عدم تنفيذه هناك شريحة كاملة لا تزال تخوض معاناة التهميش وتصطدم اليوم بأزمة اقتصاديّة تُقلّص فرص عيشها حياة كريمة.
يلجأ العديد من الأشخاص المعوّقين إلى العمل الحر لكسب الرزق كحال محمد ياسين (41 عاماً) وهو رجل مقعد وأب وزوج يسعى لتأمين لقمة عيشه وعيش عائلته. كان محمد وشقيقاه المقعدان أيضاً ورجل رابع لديه إعاقة في يده يتخذون من الكورنيش البحري في طرابلس مكاناً لركن أكشاك لبيع غزل البنات والفريسكو و”السناكات” السريعة. ولكن في عام 2018 قامت القوى الأمنية بحملة لإزالة الأكشاك عن الكورنيش بحجة مخالفتها للنظام العام وتشويهها الكورنيش.
يصف محمد في حديث إلى “المفكرة القانونية” كيف ضاقت به السبل منذ منعه من البيع على الكورنيش، ويقول: “بعد منعنا من البيع على الكورنيش بدأنا ننتقل من مكان إلى آخر، لكن دائماً كان هناك من يرفع عريضة للبلدية لمنعنا من البيع. وفي أواخر عام 2019 قامت القوى الأمنية بحجز الأكشاك بحجة أننا نخالف النظام العام”. ويتابع أنّه “قبل عام حصلنا على ترخيص من وزارة الداخليّة للعمل في البلديّة بدوام جزئي إلّا أن رئيس البلديّة السابق رفض إعطاءنا الوظائف”. ويفقد محمد اليوم الأمل لإيجاد فرصة عمل في بلد يكاد يخلو من فرص العمل للأشخاص المعوّقين. ورغم أنّه استطاع قبل بضعة أيام استعادة الأكشاك من الاحتجاز، إلّا أن معاناته هو ورفاقه وشقيقاه اليوم تكمن في عدم تمكّنهم من إيجاد أي مكان لوضع الأكشاك لمعاودة البيع. ويقول محمد: “استعدنا أكشاكنا ولكن أين سنضعها لنبيع. ومن سيأتي لشراء الفريسكو وغزل البنات في مكان آخر غير الكورنيش البحري؟”.
محمد ياسين الذي يعيش في منزل بسيط في أحد أحياء المنية الفقيرة، لم تقف معاناته عند خسارة عمله بل أتته المصيبة من سقف منزله الذي انهار قبل ثلاثة أشهر والذي قدّرت دائرة الهندسة في البلدية كلفة ترميمه بـ15 مليون ليرة ليس باستطاعته تأمينها. وحينها حذّرته البلدية من عدم السكن في المنزل. ويقول: “لم يساعدنا أحد لنقوم بالترميم، وانتقلنا إلى منزل جديد بمساعدة مجموعة أشخاص أمنّوا لنا تبرّعات لتسديد أجرة المنزل الجديد لأربعة أشهر وقد انقضى منها شهران ونصف”.
شركات ترفض توظيف الأشخاص المعوّقين قبل حتى مقابلتهم
تحاول السيدة دوريس زعرور (48 عاماً) البحث عن وظيفة منذ عام تقريباً: “كلّما أرسلت سيرتي الذاتية إلى شركة ما، أواجه الرفض مباشرة”. وعلى الرغم من أنّها تتمتع بخبرة 18 عاماً في مجال العمل على الهاتف، وتتقن اللغتين الانكليزية والفرنسية إلى جانب العربيّة، إلّا أنّها تواجه الرفض التلقائي عندما ترسل سيرتها الذاتية إلى المؤسسات التي تطلب موظفين. وصحيح أنّ السيدة دوريس تذكر في السيرة الذاتية مسألة إصابتها بالشلل النصفي في يدها ورجلها اليُسرى، إلّا أنها تؤكّد أنّ الوظائف التي تتقدم إليّها لا يُعيقها الشلل. وتتحدث عن الوظيفة التي عملت فيها لـ18 عاماً في أحد مطاعم بيروت، حيت تولّت مهمّة تلقّي المكالمات لطلبات التوصيل “ديلفيري”: “لم تكن هذه هي الوظيفة التي أطمح للعمل فيها، فأنا درست في صغري التزيين النسائي، إنما رغم ذلك، كنت ناجحة وملتزمة بعملي”. تلفت السيدة دوريس إلى المقدّرات العالية للشخص المعوّق الذي تصفه بأنه “أكثر التزاماً من غيره في الوظيفة ويسعى بكل ما لديه من قدرات ليثبت أنّه قادر على العمل” تحدّياً للوصمة التي تلاحقه أينما ذهب باعتباره غير قادر على العمل. وتلفت إلى أنّه خلال عملها في المطعم، “كنت أواظب على العمل بشكل يومي بدون أن آخذ حتى عطلة مرضية”.
وتروي بأنّ تأزّم الوضع الاقتصادي في البلاد دفع الشركة إلى التضييق على بعض الموظفين بهدف تخفيف أعدادهم، فلم تحتمل السيدة دوريس هذا الضغط، وقررت التوقف عن العمل ممّا حرمها الاستفادة من تعويض الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، عدا عن خسارة مدخولها الشهري الذي ساعدها للتمتّع بالاستقلالية.
لم تبادر السيدة دوريس إلى تقديم طلب توظيف لدى المؤسسة الوطنية للاستخدام، علماً أنّ المؤسسة معنيّة وفقًا للقانون 220/2000 بإيجاد وظائف للأشخاص المعوّقين وفقاً للمادة 70 منه. وتقول إنّها لم تكن تعرف بوجود المؤسسة أساساً وهذا إنّ دلّ على شيء فعلى تقصير الدولة تجاه المؤسسة التي من شأنها أن تؤدي دوراً هاماً في تأمين فرص العمل.
غياب المدارس الدامجة يحول دون إكمال المعوّق تعليمه
لين خالد، شابّة في عمر العشرين أثّر تهميش الأشخاص المعوّقين في لبنان بشكل كبير على مرحلة طويلة من حياتها بخاصة من ناحية عدم تجهيز المدارس لتلائم الأشخاص المعوّقين. ولين التي تتنقل على كرسي متحرّك، كان والدها طيلة فترة الدراسة يحملها يومياً إلى الطابق الثالث لتصل إلى صفّها لعدم وجود مصعد. وتقول لين لـ”المفكرة”: “حين كان جرس الفرصة يرنّ، كان زملائي يتوجّهون إلى الملعب للهو والمرح وأنا كنت أبقى جليسة الكرسي في الصف أتفرج عليهم من النافذة”. بقيت لين تنظر من النافذة إلى الملعب حتى صف البريفيه، ولم تنزل إلى الفرصة إلّا في حالات استثنائية مثل الاحتفالات الرسمية التي تنظّمها المدرسة، تقول: “كان 4 من رفاقي يحملونني إلى الملعب وكانت هذه من المرّات النادرة التي أشاركهم الفرصة”.
لين التي تعيش وعائلتها في البقاع، تؤكد لـ “المفكرة” بأنّ عائلتها بحثت كثيراً عن مدارس دامجة في المنطقة فلم تجد ولا أي واحدة تتمتع بالمواصفات المطلوبة لتتحرك فيها بحرّية وبمفردها. وتشير آسفةً إلى أنها اضطرت مكرهة إلى ترك الدراسة بعد البريفيه بسبب عدم قدرة والدها صحّياً على الاستمرار بحملها صعوداَ إلى الصف. تقول: “حرمني عدم تطبيق القانون 220 من التمتّع بحياة اجتماعيّة مثل أي مراهقة من عمري، لم أتمكّن من اللعب ولا التنقّل بحرية”. وبعد مرور كلّ هذه السنوات، تقول وهي ممتنّة لأنّها تمكّنت من الاستمرار رغم كل العوائق التي أمامها بفضل عائلتها التي قدّمت لها كل ما بوسعها، وتقول إنّها تسامح زملاءها الّذين اختاروا عدم اللعب معها وتتفهّمهم.
في هذه المرحلة، وفي ظلّ الحجر المنزلي تقول لين بأنّ ثمّة “فرصة ليعرف الجميع ما يعني أن تُكره على البقاء في المنزل، فنحن الأشخاص المعوّقون محرومون من التنقّل ونبقى حبيسي المنزل بسبب حرماننا من الأرصفة والنقل العام الدامج”. قبل التعبئة العامّة كانت لين تجد متنفّساً لها في “متندى المقعدين” في زحلة، هناك تابعت دورات تعليمية في مجالات عدّة، تقول: “هنا وجدت مساندة كبيرة، فهناك لم يتركني زملائي وحاولوا مساعدتي إكمال دراستي”. وتنتظر معاودة فتح المنتدى بحماس لاستئناف الدورات التدريبية التي تخضع لها هناك.
النجاح في امتحانات مجلس الخدمة المدنية لا يضمن التوظيف
عمل خضر خروبي (31 عاماً) وهو مصاب بنوع من الإعاقة الحركية ويسير على عكازين في مجال الصحافة بعد تخرّجه من كلية العلوم السياسيّة في الجامعة اللبنانيّة، لكن بعد إغلاق القسم الذي كان يعمل فيه في جريدة لبنانّية وبسبب تراجع فرص العمل في الإعلام، اندفع إلى البحث عن عمل في مجالات مختلفة، منها الترجمة وإدخال البيانات. وحين ضاقت فيه السبل أكثر، عمل في فندق في مجال خدمة الزبائن. وخاض خضر امتحان مجلس الخدمة المدنيّة عام 2017 ونجح بتفوق إلّا أنّ إمكانيّة حصوله على الوظيفة هو ومئات من الناجحين اصطدم بالتجاذبات السياسيّة التي حالت دون صدور مرسوم توظيفهم لاعتبارات طائفية.
يقول خضر لـ”المفكرة” إنّ “القانون 220 الذي صدر قبل 20 عاماً ولم ينفّذ منه شيء، هو أفكار عامّة تتكلم عن حقوق الأشخاص المعوّقين وتشوبه ثغرات لناحية آليات تنفيذه، فبعض بنوده لا تنفذ إلّا بمراسيم تطبيقية ما يحول دون ترجمته على أرض الواقع”. ويرى أنّ “حقوق الأشخاص المعوّقين غائبة عن الإعلام والرأي العام، ونادراً ما نجد اهتماماً إعلامياً بقضيتنا إلّا في بعض المناسبات”.
قانون ولد ميتاً
وفي هذه الفترة من كل عام، تعيد الجمعيّات المعنيّة بحقوق الأشخاص المعوّقين التذكير بضرورة تنفيذ بنود القانون. وهذا العام استبدلت الجمعيات التحرّك على الأرض بحملة “معاً ضد تهميش فئة الأشخاص المعوقين في لبنان” واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي شارك فيها أشخاص معوّقون عبر تحميل فيديوهات وصور لإيصال صوتهم بدعوة من مرصد حقوق الأشخاص المعّوقين والاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركياً.
في هذا السيّاق تلفت رئيسة اتحاد المقعدين والمعوقين حركياً سيلفانا لقيس في حديث لـ “المفكرة” إلى أنّ “الحرمان يطال الأشخاص المعوّقين من العمل والسكن والطبابة والعلم”. وتلفت إلى أنّ “لا الطرقات مجهّزة للتنقل ولا المدارس تعتمد معايير دامجة، إضافة إلى أنّ الحرمان من العمل وتعويض البطالة يضاعف مظاهر الفقر بين الأشخاص المعوّقين، حتى بات وجود فرد معوّق في عائلة يعتبر مؤشر فقر”.
وتُلقي لقيس الضوء على المادة 74 من القانون التي تلزم القطاع الخاص بكوتا توظيف بنسبة 3 بالمئة للمؤسسات التي يزيد عدد موظفيها عن 60 أجيراً. وفي حال عدم التزام أرباب العمل بالكوتا فهي ملزمة دفع غرامة مالية قدرت بضعفَي الحد الأدنى للأجور عن كل شخص معوّق غير مستخدم، يتم تسديدها لوزارة العمل. ويقع على عاتق الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي التحقق من حسن تطبيق موجب أرباب العمل بتوظيف المعوقين، وفي حال تبيّن عدم توظيف المؤسسة لأشخاص معوقين، فلا يحصل رب العمل على براءة ذمة مالية.
لكن تلكّؤ الإدارة في متابعة حسن تطبيق القانون بحسب اللقيس، أبقاه حبراً على ورق بحيث لم يقم الضمان الاجتماعي بمراقبة موضوع توظيف المعوّقين في المؤسسات، وبالتالي لم يتم جباية الغرامات. واصطدمت مسألة الغرامات بالخلافات بين وزارة العمل ووزارة المال، فالأخيرة اعتبرت أن جباية الغرامات شأنها وحدها ولم يتم معالجة هذا الأمر مما حال دون إنشاء الصندوق الذي يتلقّى هذه الغرامات. وكان من المفترض أن يتم استخدام هذه الغرامات لتمويل تعويض البطالة، فدخل تطبيق المادة 74 في حلقة مفرغة بسبب الصراعات بين المعنيين وبسبب تهميش القضية. فحرم بالتالي الأشخاص المعوّقون في لبنان من العمل ومن تعويض البطالة.
وتوضح اللقيس أنّه “بالنسبة للمؤسسة الوطنية للاستخدام التي تعد من صلاحياتها تأمين وظائف للأشخاص المعوقين لا يوجد فيها موظف متخصّص بشؤون الاختلاف، وهو موظف عليه أنّ يكون متخصصاً بالمعايير الدامجة ويقوم عمله على تأمين مواصفات التنوّع، إضافة إلى خلوّها من متخصص بإجراء المقابلات مع الأشخاص المعوقين”. إضافة إلى أنّ “الموقع الالكتروني الخاص بالمؤسسة الوطنية للاستخدام غير مرن بالنسبة لبعض الإعاقات مثل المكفوفين”.
ديكادا – مواد راصدك – 6 –
مواد “راصدك” – أو “ديكادا”، ورقة تصدر كل عشرة أيام، ترصد العمل الرسمي تجاه قضايا الإعاقة والفئات المهمشة في لبنان في ظل أزمة “كوفيد -19” والضائقة المعيشية. تهدف إلى توثيق أعمال مجلس الوزراء والوزارات المعنية ومتابعة القضايا الملحة، وترفد نشرة “راصدك” الشهرية بنتائج هذا التوثيق.
الاستعراض الدوري الشامل حول حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في لبنان – تقرير 2020
قام كل من “الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركيًا”، “جمعية الشبيبة للمكفوفين”، “الجمعية اللبنانية للمناصرة الذاتية”، “الجمعية الوطنية لحوق الأشخاص ذوي الإعاقة”، “الاتحاد اللبناني للصمّ”، “هيئة الإعاقة الفلسطينية”، “جمعية درب الوفاء للمعوقين”، “جمعية مساواة”، “جمعية مركز تعليم الصمّ”، و”المنتدى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة” بإعداد هذه المراجعة ضمن تقديم يركز على مدى امتثال الحكومة اللبنانية بالتزاماتها فيما يتعلق بحماية واحترام حقوق الأشخاص المعوقين. وتعرض هذه المراجعة وتحلل البيانات الرئيسية المتعلقة بحق الأشخاص المعوقين بالعمل، التعليم، الصحة، وعدم التمييز؛ وحقوق اللاجئين المعوقين.
أدت السياسات التي اتبعتها الطبقة السياسية في لبنان إلى تراكم الجهود المدنية والأهلية والشعبية الرافضة للهدر والفساد وسرقة المال العام ومنطق الغنائمية والمحاصصة، فبعد محطتي 2011 و2015، انفجر الشارع في 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2019 في ثورة شعبية عابرة للطوائف والمناطق، حاولت السلطة وديكتاتوريات الطوائف قمعها بأشكال متعددة، وترافقت هذه الثورة مع اختناق اقتصادي واجتماعي وسياسي يؤدى إلى المزيد من تهميش فئة الأشخاص المعوقين وإقصائها. وقد انخرطت منظمات الأشخاص المعوقين في تحركات ونشاطات هذه الثورة لتوصل صوتها إسوة بالفئات المهمشة.
فيما لا تزال المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان تشكّل المنبر الأكثر أهميّة لمنظمات الأشخاص المعوقين في لبنان، مع عدم تصديق المجلس النيابي على الاتفاقيّة الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (2006)، التي وافقت عليها الحكومة اللبنانية في حزيران/ يونيو 2007، إلا أنّ الخلاف السياسي بين أقطاب السلطة حرم الأشخاص المعوقين في لبنان (نحو 10 في المئة من السكان ) ومنظماتهم، من آليات الرصد والمتابعة التي تمنحهم إياها الاتفاقية وبروتوكولها المرفق.
قانون «حقوق الأشخاص المعوقين»: عشرون عاماً من حبر على ورق!
جريدة الأخبار – راجانا حمية
تنصّ المادة 73 من قانون «حقوق الأشخاص المعوقين» على تخصيص وظائف في القطاع العام بنسبة 3% لهذه الفئة. على أرض الواقع، هكذا ترجمت الدولة حق هؤلاء بالـ3%: من أصل 16766 وظيفة في الإدارات العامة والمؤسسات العامة والبلديات واتحادات البلديات، أعطت 269 شخصاً معوقاً الحق في العمل. وهي نسبة تكاد تلامس الـ2%. هذه المادة هي عيّنة عن كيفية تعاطي الدولة مع حقوق هؤلاء التي يكفلها القانون 220/2000. مناسبة هذا الحديث هو أن القانون الشهير بات له من العمر عشرون عاماً، ولم يدخل حيّز التنفيذ.
في الثامن من الجاري، يكمل قانون «حقوق الأشخاص المعوقين»، أو ما بات يُعرف اصطلاحاً بالقانون 220/2000، عامه العشرين من دون أن يدخل حيز التنفيذ. عقدان من الزمن كانا قد توّجا نضالاً طويلاً خاضه هؤلاء، صارا مجرّد رقم للذكرى. الخيبة، اليوم، تأتي بجرعة أكبر. فبعد كل هذا الوقت، لم يحظَ الأشخاص المعوّقون بأبسط حقوقهم التي حصّلوها بقوة القانون، والتي لا تزال حبراً على ورق. مئة ومادتان مقسمة على عشرة أبواب من الحقوق المختلفة، كأنها لم تكن بسبب العراقيل الكثيرة. وهي عراقيل بسيطة، لكنها خارج حسابات الدولة، ولا تتعدى مهمة إصدار المراسيم التطبيقية للمواد القانونية. المراسيم لهذا القانون وغيره «لم تعد هناك قدرة على إحصائها لكثرتها»، تقول سيلفانا اللقيس رئيسة الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركياً. وهذه المراسيم هي مقياس اهتمام الدولة بحقوق فئة تعدّ بأكثر من 400 ألف شخص، ولكن، على ما يبدو، فإنّ الدولة لا تأبه لما تعانيه هذه الفئة. فجلّ المراسيم التطبيقية لم يصدر، أما ما نجح الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين في الضغط لإعداده فلا يزال محتجزاً في أدراج مجلس الوزراء والوزارات المعنية. وهذا ما يعطّل حصول الأشخاص المعوقين على حقوقهم. اليوم، في حضرة الذكرى العشرين لصدور القانون 220/ 2000، لم تشفِ الدولة غليل هؤلاء. ذلك أن الحقوق المقسّمة على عشرة أبواب لم يجر تحصيلها إلّا على الورق. وجلّ ما استفاد منه الأشخاص المعوقون هو فكرة وجود القانون بحدّ ذاته، لناحية تشكيله «أداة للتفاعل وتشريع باب الحوار حول قضايا كانت منسية سابقاً». ما عدا ذلك، لم يجنِ هؤلاء شيئاً. وهنا، بعض الأمثلة عن كيف تتعاطى الدولة مع هذه الفئة.
لا تعرف اللقيس من أين تبدأ في تشريح العلاقة بين الدولة ومواطنيها من ذوي الإعاقات. تحاول قدر الإمكان تبسيط الأمثلة كي نستكشف إلى أيّ مدى تنازلت الدولة عن هؤلاء. وضع القانون للدولة أطراً زمنية لتطبيق بعض المواد القانونية وتفعيل بعضها الآخر، إلّا أنها فضلت العبور فوقها، كأن قانوناً لم يكن. وفي هذا الصدد، حدّد القانون، مثلاً، فترة ست سنوات كي يصبح لبنان خالياً من العوائق. لكن، ما الذي حصل؟ «لا شيء»، تقول اللقيس. في الأسباب العامة، تسرد الكثير من الأمور التي عطّلت القانون، منها «انعدام وجود استراتيجية وطنية لتطبيق القانون للوصول إلى تكافؤ الفرص في المجتمع، وغياب المعايير الدامجة عن هيكليات الوزارات وإداراتها وقراراتها، وانعدام التوعية تجاه قضايا الإعاقة وحقوق الأشخاص المعوقين وحاجاتهم». أكثر من ذلك، لا تزال الاحتياجات الأساسية للأشخاص المعوقين (الحق بالتعليم، بالصحة، بالبيئة الدامجة…) خارج الموازنات العامة، أضف إلى ذلك ربط الإفادة من المشاريع بالتمويل الخارجي.
أما في التفاصيل، فيمكن الحديث عن أشياء بسيطة يحتاج لها الأشخاص المعوقون، لكن لا قدرة للوصول إليها لعدم تطبيق القانون. على سبيل المثال، الحق في العمل، وتحديداً ما يتعلق بتخصيص الوظائف في القطاعَين العام والخاص المنصوص عنها في المادتين 73 و74 من القانون. المادة الأولى تنص القانون على أنه «تخصص وظائف في القطاع العام للأشخاص المعوقين بنسبة 3% على الأقل من العدد الإجمالي للفئات والوظائف جميعها». لكن، على أرض الواقع، لا مكان للقانون بالمطلق. وفي هذا الصدد، تفيد العودة إلى التعميم رقم واحد الذي أصدرته رئيسة مجلس الخدمة المدنية، القاضية فاطمة الصايغ، في العاشر من أيلول 2018، وطلبت بموجبه من جميع الإدارات العامة والمؤسسات العامة والبلديات المشمولة بصلاحيات المجلس إفادتها عن وجود أشخاص معوقين من بين العاملين لديها. بعد أكثر من عام على الطلب، جاءت الأجوبة لتقول بأن ما تؤمنه الدولة للأشخاص المعوقين ليس أكثر من 269 فرصة عملٍ فقط، بحسب ما صدر عن دائرة الملفات الشخصية في إدارة الموظفين في المجلس منتصف كانون الثاني من العام الماضي. بالأرقام، تضم الإدارات العامة 156 شخصاً من ذوي الإعاقة من أصل 12470 شخصاً تضمّهم هذه الإدارات، أي ما نسبته 1,25%. وهو بحسب القانون «نموذج ساقط». أما في المؤسّسات العامة، فالحال ليس أفضل، إذ أنها تفسح المجال لـ88 شخصاً فقط من أصل 3218 يعملون فيها، أي ما نسبته 2,7%. وحدها، البلديات والاتحادات البلدية كانت أكثر إنصافاً لجهة التزامها بالعدد، إذ بلغ عدد العاملين من الأشخاص المعوقين 25 من أصل 1078 شخصاً، أي ما نسبته 3,3%. لكن، من حيث التوصيف الوظيفي، ليس ثمة مكان للعدالة. صحيح أن الأشخاص المعوقين لا يواجهون رفضاً علنياً في التقدم إلى الوظائف، لكنهم يواجهون فقدان الآليات القانونية التي تسمح لهم بالتقدم إلى الوظائف أو نيلها. ففي ما يخصّ مجلس الخدمة المدنية، وهو الجهة التي أُعطيت صلاحيات تعيين الموظفين من خلال توليه إجراء المباريات لاختيارهم، لم يلحظ وجودهم ضمن آلية التقدم للامتحانات واختيار الموظفين. من هنا، عمل الاتحاد بالتعاون مع المجلس على تحضير مشروع مرسوم لتطبيق أحكام المادة 73 من القانون. غير أن ما آل إليه هذا المشروع هو توقفه في مجلس الوزراء.
في المادة 74 التي تلزم أرباب العمل في القطاع الخاص باستخدام أُجراء من المعوقين أيضاً، تشير اللقيس إلى أن الواقع كان أفضل، «وإن كان قبول هؤلاء في غالب الأحيان مرتبطاً بالمبادرة الفردية التي كان يقوم بها الاتحاد لناحية تعريف أرباب العمل والمسؤولين في المؤسسة بحقوق هؤلاء والتدريب على كيفية التعاطي معهم». مع ذلك، ما لم يكن على ما يرام هو النظرة إلى الشخص المعوق، باعتباره غير قادر على القيام إلا بمهمات محددة، وهو ما يتجلى بالنظرة النمطية إلى طبيعة الوظائف التي يمكن منحه إياها. ففي غالب الأحيان، المهام التي يمكن أن يقوم بها هؤلاء «لا تتعدى أموراً بسيطة مثل وظيفة حاجب أو كاتب أو سنتراليست».
لا يتوقف الغبن عند العمل، وإنما يتعداه إلى الحق في التعليم والبيئة الدامجة والحق في المشاركة السياسية وغيرها. في ما يخص الحق في التعليم، 45 ألفاً من هؤلاء في عمر المدرسة لا يملكون الحق في الحصول على مقعد دراسي بسبب عدم اهتمام الدولة بتهيئة مدارس دامجة، إلى آلاف آخرين ليسوا مصنفين أساساً في لوائح وزارة الشؤون الاجتماعية على أنهم أشخاص معوقون.
تعب الأشخاص المعوقون من وعود وزارة التربية والتعليم العالي لإعداد سياسة وطنية شاملة لتهيئة الأرضية لمدارس دامجة. ورغم المساعدة التي قدمها الاتحاد في إطار التحضير لمشاريع أو نماذج حول كيف تكون المدرسة الدامجة، إلا أنه إلى الآن لا شيء. والخطة الشهيرة عام 2013 التي تستهدف تهيئة 60 مدرسة لاستقبال ذوي الصعوبات التعلمية لم تدخل حيز التنفيذ. وبعد خفص العدد إلى 30 مدرسة لا تزال هذه إلى الآن في المراحل التحضيرية. في أحسن الأحوال، وفي ظلّ هذا الواقع، ما تستوعبه المدارس الرسمية اليوم ليس أكثر من 30 إلى 40 شخصاً معوقاً. وهو رقم تقديري تطرحه اللقيس. وهذه الضآلة ليست لأن الدمج في المدارس الرسمية مكلف، خصوصاً أن مبالغ كثيرة وصلت من دون أن تعرف وجهة صرفها، وإنما لأن الدولة لا تأبه. وفي المرة الوحيدة التي عملت فيها على الالتفات إلى هذا الأمر من خلال تعيين مربٍّ متخصّص في كل مدرسة اصطدمت بعقبة النظام الداخلي الذي لا مكان فيه لهذه الصفة، لهذا «اضطروا أن يأخذوا وظيفة المربي المتخصص بموجب مرسوم»!
أما البيئة الدامجة فحدّث ولا حرج، فقد فهم المعنيون التجهيزات بـ«تظبيط» المدخل والحمام. أما ما عدا ذلك فليتدبّر الأشخاص المعوقون أمرهم. هكذا تتعامل معهم الدولة على قاعدة «عسكري يدبّر راسو».
بعد؟ يمكن إيراد الكثير ليس أقله عدم حجز باب في الموازنة لاحتياجات الأشخاص المعوقين وللتجهيزات التي يتطلبها القانون وللتعليم والحق في الصحة الذي اختُصر بـ«بطاقة معوق» شخصية لا تغني ولا تسمن. أما الأنكى من كل ذلك، فليس فقط تجاهل القانون، وإنما أصله المتمثل في الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص المعوقين وبروتوكولاتها والتي تنتظر مصادقة لبنان عليها منذ عام 2006.