الأشخاص المعوقون يطالبون بحقهم بالعمل، ويتهيؤون للتقاضي الاستراتيجي

رانيا حمزة | 2015-05-03

“جئنا اليوم لنشكر الحكومة لانها أمنت لنا كامل حقوقنا كمعوقين، جئنا من كل المناطق، من البقاع والجنوب والشمال وبيروت  لنقول للدولة والقيمين عليها ان تأخذ وقتها الكامل حتى لو احتاجت خمسة عشرة سنة جديدة في تطبيق القانون فنحن لسنا مستعجلين. فالحمدالله ان كل حقوقنا تصلنا، من هنا نقول للمعنيين شكراً على جهودهم وكيف تنكبّون على تلبية جميع حقوقنا وانشاء الله “تنكبوا”، بهذه الكلمات الساخرة أراد فادي الصايغ من اتحاد المقعدين اللبنانيين ان يعبر عن سخطه واشمئزازه من دولة سخرت من فئة غير قليلة من أبنائها فأقرت قانونا من المفروض ان يؤمن لهم أبسط حقوقهم الانسانية هو القانون رقم 220/ 2000 الا انها ابقته مجمداً وخارج جدول التطبيق وتركتهم في معاناتهم. خمسة عشر عاماً وفادي وغيره بإنتظار اللحظة المباركة التي يستيقظ فيها المعنيون في الدولة من غيبوبتهم فيطبقوا القانون، لكن يبدو ان القانون لا يطبق الا بالنزول الى الشارع والضغط.

ممنعون من استخدام الطرق والارصفة، ممنوعون من دخول المرافق العامة والخاصة، ممنوعون من دخول المدارس الرسمية الا بعد الاسترحام والمذلة ممنوعون من العمل الا بعد اجتماع مجلس الوزراء ولائحة الممنوعات تطول وقد لا تنتهي هذه هي نبذة بسيطة عمّا يعانيه المعوق في لبنان والذي يكافح ليبقى مقتنعاً بمواطنيته وتمتعه بحقوق الانسان وانه يحق له كما يحق لكل البشر. من هنا وعشية الأول من ايار الذي يصادف عيد العمال ما كان أمام أصحاب الحق خيار سوى النزول الى ساحة رياض الصلح على مقربة من المجلس النيابي لرفع الصوت والمطالبة بحقوقهم الطبيعية التي ليس لاحد من منة عليهم بها وانما هي مكفولة بالقانون 220/2000.

وعن أهداف التحرك قالت رئيسة اتحادالمقعدين اللبنانيين سيلفانا اللقيسفي حديث “للمفكرة”التحرك اليوم لنوقف لائحة الممنوعات المفروضة بحقنا من قبل القيمين على هذا الوطن، ف حقوقنا مهمشة ومنتهكة وهناك قانون اسمه القانون 220/2000 صدر في العام 2000 والذي بموجبه تلقينا الوعد بان تحل جميع مشاكلنا، لكن 15 عاما مرت واليوم اذا نظرنا الى وضعنا قبل صدور هذا القانون وبعده نجد ان الوضع لم يتغير بل بات أسوأ. اذا قمنا بمقارنة لما قام به القطاع العام من أجل تطبيق بنود القانون نجد انه لاشيء بالمقارنة مع ما قامت به الجمعيات التي تعنى بقضايا الاعاقة والمعوقين لقد وضعنا كل ثقلنا في الموضوع بينما بالمقابل هناك تراجع من قبل المعنيين. وبما ان هذا القانون كان يتضمن “كوتا” لتوظيف الأشخاص المعوقين وهي مجمدة وغير مفعلة وبمناسبة الأول من ايار جئنا نطلق صرخة  بأن اوقفوا هذا الانتهاك وصححوا الأوضاع فنحن من حقنا ان نعيش بكرامة مثل غيرنا من الناس”.

وذكرت اللقيس سلسلة من التوصيات التي يسعى الاتحاد الى تحقيقها ومنها ايجاد جهاز في كل وزارة مهمته تحقيق الدمج، القيام بتجهيز لكل أماكن العمل واقرار موازنة  لتطبيق بنود هذا القانون، والتعويض عن  مسألة التأخير في التوظيف بأن يتم توظيف عدد من الأشخاص يوازي ال3% عن السنوات المنصرمة، إزالة كافة العوائق ووضع دفتر شروط بالمعايير الدامجة حتى تدرج ضمن كل عقد تقيمه الدولة اللبنانية مع اي مؤسسة او منظمة والتصديق على الاتفاقية الدولية التي تتعلق بالاشخاص المعوقين.

وشددت اللقيس على استراتيجيات هامة سيعتمدها الاتحاد في  المرحلة المقبلة فقالت:” من ضمن الاستراتيجيات التي ننوي اعتمادها التقاضي الاستراتيجي فسوف نذهب الى مقاضاتهم قانونياً مع شركائنا المفكرة القانونية وكل الأشخاص المعنيين بالدفاع عن العدالة والمساواة.
محمد الحاج من الجمعية اللبنانية لرعاية المعوقين،تحدث بإسم عائلات شردت وتعاني الجوع والحرمان لان معيلها الوحيد فقد أحد أعضائه بلغم ما فطرد من عمله وقال:” لقد تكلمنا كثيرا وصرخنا كثيراً ولكن للأسف الشديد الدولة غائبة نهائياً. جئنا نطالب بضرورة تطبيق القانون 220/2000 فكل هؤلاء الشباب العاطلين عن العمل من مسؤول عنهم ومن ينظر لهمولعائلاتهم؟ القانون يتحدث عن دمج 3% من المعوقين اين هم؟ للاسف لا يوجد دولة وانما صورة”.

تتمتع ندى الحاج من صور بثقافة عالية كما تملك وجهاً غاية في الجمال الا ان جلوسها على كرسي مدولب حرمها من العمل، فكثيراً ما قدمت السيرة الذاتية CVالى وظائف وكان يتم قبولها لإجراء المقابلة الى حين يكتشفون وضعها وعن ذلك قالت:” أملك إجازة في الادب الانكليزي وشهادة سكرتاريا وgraphic designلأنني ارفض المكوث في المنزل دون ان أقوم بأي عمل ودون ان يكون لي أي هدف. لكن في لبنان، لا يهتمون بالكفاءات انما بالمظهر. وعليه فإن الكرسي الذي أجلس عليه يحول دون حصولي على عمل”.

ولأن تطبيق القانون رقم 220/2000 ليس مسألة شخصية بل قضية انسانية تطال حقوق ذوي الإعاقة وكل مواطن. تداعى مجموعة كبيرة من الناشطين في المجتمع المدني الى الاعتصام ليصرخوا مطالبين بتطبيق جميع القوانين المجمدة من قبل القيمين على السلطة.

وربما الصرخة التي أطلقتها مريم سعيدي من لجنة أهالي المفقودين، في الساحة سيبقى صداها يتردد طويلاً ليخرق الآذان الصماء في المجلس النيابي كيف لا وهي تناضل منذ ثلاثين عاماً مع جميع الذين فقدوا اعزاء لهم في الحرب دون ان يستيقظ ضمير لتجار الهيكل فقالت:”ايها المحتلين للمجلس أنا اقف اليوم مع الذين يملكون البصيرة أما انتم فصمٌ بكمٌ عن الحق، انتم تسيرون ولكن مسيرتكم لا توصل الى اي قضية انسانية، انا اليوم وسط الانسانيين فيما انتم جماعة محتلين للمؤسسات اخرجوا ودعوا المكان لمن لديه الارادة والقدرة على العمل والعطاء”. 
يجد رياض عيسى رئيس جمعية متطوعون بلا حدود، انه من الطبيعي ان يشارك بالاعتصام فالقضية تعني شريحة كبيرة من الناس وهم اصحاب قضية وقال:” من المفروض في دولة تحترم نفسها الا ترغم هذه الفئة من الناس بالنزول الى الشارع للمطالبة بحقوقهم بل ان يبادر المسؤولون من تلقاء نفسهم بالعمل والسعي لتنفيذ القانون ومطالبهم”.

ويرى أحمد الديراني مسؤول المرصد اللبناني لحقوق العمال والموظفين، ان وجوده في الاعتصام هو أضعف الايمان من أجل تأييد ودعم اتحاد المقعدين بمطالبهم وقال:” لقد صدر القانون 220/2000 منذ 15 عاماً والى اليوم لم يطبق، ولم تتخذ التدابير اللوجستية والوظيفية في الادارات والمؤسسات ولا يوجد تسهيلات قانونية فيما هناك العديد من المعوقين الذين يملكون الكفاءات والطاقات الابداعية وهي طاقات مهدورة حيث انه لا يتم استغلالها في ظل ظلم مضاعف تعيشه هذه الشريحة من المجتمع من حرمان اقتصادي واجتماعي وانساني”.

يشارك الناشط الاجتماعي أجود بو حمدان في معظم التحركات التي تطال حقوق المواطن في لبنان ويؤكد انه من المعيب ان يجبر المرء على النزول دفاعا عن هذه القضية وقال نزلت لأعبر عن قرفي من الحالة التي وصلنا اليها فنحن اين وانت يا حضرة المسؤول اين، أين أنت من الانسانية يا متسلط”.

بدورها الناشطة الاجتماعية نعمت بدر الدين، قالت:”وللاسف هذه القضية عمرها عشرات السنوات والتهميش يلحق بذوي الحاجات الخاصة في مختلف المجالات لاسيما مؤخرا من خلال قانون السير الأخير الذي قام بتهميشهم في قطاع السير والنقل المشترك هذا ناهيك عن مختلف المواضيع الحياتية للمعوق المهمشة من قبل الدولة. نحن هنا اليوم لنطالب بتطبيق القانون 220 ويبدو انه في هذا البلد لا يوجد كرامة لأحد ولا عيش لائق لأحد ناهيك عن ان كل شي معطل من رئاسة الجمهورية الى المجلس النيابي الى الحكومة الموجودة درءا للفراغ لا اكثر ولا أقل، فنحن نعيش في شبه دولة مع مؤسساتها الفارغة ننزل لنصرخ ونطالب ولكن للاسف آذان المسؤولين لا تسمع. من هنا وبمناسبة الاول من ايار، أرى انه يجب علينا ان ندعم بعضنا البعض وان نشكل تكتلات شعبية تنزل الى الشارع للضغط ولنقول ان المواطن اللبناني يعرف ان الدولة ذاهبة الى الانهيار ويجب وضع حد لهذا الامر”.

سوق العمل لا ترغب بالأشخاص المعوقين

كتبت كريستي قهوجي في جريدة الأخبار
كانون الثاني 2015

يمكن القول إن الدعم الرسمي لذوي الاحتياجات الخاصة في لبنان شبه غائب إلى حد كبير، في بلد تتفاقم فيه أزماته الاقتصادية والاجتماعية والأمنية يوماً بعد يوم. فلبنان الذي يشكو أصلاً من مشكلة بطالة متزايدة في سوقه المحلية، يجد ذوو الاحتياجات الخاصة فيه أنفسهم يعانون أكثر من أي وقت مضى من إيجاد فرص العمل الملائمة، وقبول المؤسسات والشركات بتوظيفهم.
حبر على ورق

في عام 2000 صدر قانون خاص بذوي الاحتياجات الخاصة في لبنان حمل الرقم 220/2000، ومنحهم مجموعة من الحقوق كالحصول على بيئة مؤهلة ومسكن وتعليم ورياضة، إضافة الى الحق بالحصول على وظيفة في القطاعين العام والخاص. وتكفل المادة 68 من القانون الحق للمعوق كما لسائر أفراد المجتمع في العمل والتوظيف، كما تلتزم الدولة العمل على مساعدة الأشخاص المعوقين على الدخول في سوق العمل ضمن مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص. وتذكر المادة 69 منه أن الإعاقة لا تشكل في حد ذاتها حائلاً دون الترشيح لأي عمل أو وظيفة. وذكر القانون أن للمجلس الوطني للاستخدام دوراً في تأهيل وتوجيه ذوي الاحتياجات الخاصة لدخول سوق العمل.
إلى ذلك يفرض القانون في المادة 73 منه على القطاع العام تخصيص وظائف للأشخاص المعوقين بنسبة ثلاثة في المئة على الأقل من العدد الإجمالي للفئات والوظائف جميعها. كما تلزم المادة 74 أرباب العمل في القطاع الخاص التي لا يقل عدد الأجراء فيها عن 30، ولا يزيد على 60 باستخدام أجير واحد من المعوقين تتوفر فيه المؤهلات المطلوبة.
أما إذا فاق عدد الأجراء في المؤسسة 60 أجيراً، فيلزم صاحب العمل أو المؤسسة باستخدام معوقين بنسبة ثلاثة في المئة على الأقل من أجرائها تتوفر فيهم المؤهلات المطلوبة. كما يلزم صاحب كل عمل أو مؤسسة لا ينفذ الموجب المترتب عليه خلال مهلة سنة من إقرار هذا القانون، بدفع مبلغ سنوي قدره ضعفي الحد الأدنى للأجور عن كل معوق غير مستخدم، يسدد إلى وزارة العمل، إلى أن يسوي صاحب العمل أو المؤسسة وضعه.

أفقر الفقراء

هذا من الناحية النظرية، أما عملياً، “فوضع أصحاب الاحتياجات الخاصة في لبنان حالياً صعب جداً،” كما تؤكد رئيسة الاتحاد اللبناني للمعوّقين سيلفانا اللقيس، “لأنّ معظم بنود القانون 220/2000 الخاص بحقوق المعوقين غير مطبق، وهو كان من المفترض أن يكرّس حقهم في الاندماج بالمرافق. إنهم يصنفون من أفقر الفقراء في البلد، و83% من المعوقين لا يعملون، مع العلم بأنهم قادرون على العمل في مراكز عديدة”. وتشير الى “أن المعوقين في لبنان لا يزالون عاجزين عن استخدام النقل العام وحتى الطرقات، الأمر الذي يدل على صعوبة أوضاعهم اليومية. لبنان يشهد تكريساً للنمط الرعائي الذي يرتكز على الإحسان والشفقة والوصاية، وهناك تجاهل لمسألة الارتكاز على الحقوق والمشاركة. فحتى اليوم، لم يوقع لبنان على الاتفاقية الدولية التي صدرت عام 2007 لذوي الاحتياجات الخاصة والتي تساهم بعملية دمجهم في المجتمع وسوق العمل”.
وتكشف اللقيس أنه عند صدور القانون عام 2000، نشر رئيس الحكومة آنذاك تعاميم للبدء بتنفيذه، ودخل حيّز التنفيذ لمدة ثلاثة أشهر وتوقف. وتوضح أن آليته تقول إنه يجب على القطاع الخاص التقدم من المؤسسة الوطنية للاستخدام بطلب توظيف موظفين معوقين، على أن يتم إثبات ذلك لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذي يجب ألا يمنح براءة ذمة مالية للشركة المعنية إذا لم تقدم الإثباتات حول عملية التوظيف، أو أنها قدمت طلباً للمؤسسة الوطنية للاستخدام ولم تحصل على موظف، فعندها يعفى صاحب الشركة لسنة إذا لم يكن هو المسؤول عن التأخير، أما إذا تبيّن أنه المسؤول فعليه أن يدفع ضعفي الحد الأدنى كضريبة عن كل شخص لا يوظف في القطاع الخاص”. وحول آلية التطبيق، تقول إن خلافاً حاداً وقع بين وزارتي المال والعمل حول من سيفتح الصندوق الخاص بدفع الضريبة من قبل الشركات بحال عدم التوظيف، وبالتالي لم يفتح هذا الصندوق بسبب الخلاف، علماً بأن القانون يقول إنه يجب أن يكون في وزارة العمل. ونتيجة لذلك، توقف تطبيق الكوتا. وأدى ذلك إلى غياب الخطة الوطنية لتطبيق هذا القانون.
القطاع العام

وعلى صعيد القطاع العام، تشدد اللقيس على وجود ممارسات سلبية جداً من قبل الدولة في هذا الإطار. “على سبيل المثال، تقدم أحد ذوي الاحتياجات الخاصة لوظيفة أمام مجلس الخدمة المدنية، إلا أن اللجنة الطبية الفاحصة قيّمته بطريقة سيئة لا تمتّ الى الحقيقة بصلة عبر منعه من التقدم الى المباراة، الأمر الذي يحرم حق الشخص من ممارسة عمله رغم أن لديه قدرات ويحمل شهادة جامعية”. وتوضح: “مبادرات التوظيف تبقى خجولة جداً، فأكبر مبادرة لتوظيف ذوي الاحتياجات الخاصة في لبنان كانت قبل صدور القانون عندما قام الوزير الراحل إيلي حبيقة بإدخال مئة شخص الى شركة الكهرباء لتوظيفهم، كما أن هناك موظفين في مصرف لبنان، لكن النسبة قليلة جداً في الوزارات الأخرى حيث إن هناك بعض الاشخاص، ولا سيما في وزارة الشؤون الاجتماعية”، معتبرة “أن القطاع العام أكبر مخالف لموضوع الكوتا ولموضوع التجهيز كحد أدنى للمعايير”.
وتختم اللقيس بالتأكيد على أن لبنان وهو على عتبة إقرار أهداف الألفية لـ 15 سنة مقبلة، والانشغال بتحديد أهداف التنمية للمرحلة المقبلة، وجب أن يكون من الأولويات رفع جميع أنواع التمييز عن كل الفئات بمن فيهم الأشخاص المعوقون اللبنانيون وغير اللبنانيين الذين عاشوا في لبنان منذ سنوات طويلة مثل الفلسطينيين ومكتومي القيد.

السلك الأمني

حول التوظيف في الأجهزة الأمنية اللبنانية، تشير اللقيس الى اعتقادها بعدم وجود توظيفات لذوي الاحتياجات الخاصة فيها، وإن وجدت فهي محدودة بشكل كبير. وفي هذا الإطار، يؤكد رئيس شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي المقدّم جوزيف مسلّم أن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي ملتزمة بكل القوانين التي تصدر عن مجلس النواب، وخاصة القوانين الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة، لكنه في المقابل ينفي علمه بتقدم أي من الأشخاص المعوقين الى وظائف في قوى الأمن الداخلي لأنها مرتبطة بأمور عسكرية خاصة.
هذا الأمر تنفيه الناشطة في مجال ذوي الاحتياجات الخاصة مزين الصباغ، التي تؤكد أنها مرت شخصياً بتجربة محبطة حين قررت التقدم بعمل لدى “الأمن العام”، إذ تم رفض طلبها باعتبارها من ذوي الاحتياجات الخاصة، على الرغم من أن ذلك لم يكن مذكوراً في شروط التقديم، كما تؤكد.

لا التزام

وفي السياق عينه، تقول رئيسة مصلحة شؤون المعوقين في وزارة الشؤون الاجتماعية ماري الحاج إن موضوع الكوتا الخاصة بوظائف الأشخاص المعوّقين أمر لا يلتزم به أحد في القطاعين العام والخاص. فالكوتا تقضي بأن يلتزم أصحاب العمل بالتوظيف من ذوي الاحتياجات الخاصة في مؤسساتهم، وإذا تخلفوا عن ذلك يقومون بدفع غرامات مالية.
وتوضح أن مجلس الخدمة المدنية كان قد اتخذ قراراً بتوظيف من ينجح من ذوي الاحتياجات الخاصة ضمن مباراة التوظيف، ولافتة الى أن هناك نسبة ضئيلة جداً من الموظفين من الأشخاص المعوقين يشغلون وظائف عامة في وزارة المال ووزارة الشؤون الاجتماعية، على الرغم من أن جلهم من ذوي الكفاءات العالية، نافية علمها بوجود موظفين من الفئة نفسها داخل أجهزة الدولة الأمنية.

"مرصد الحقوق" يطلق تقريره السنوي عن الإنتهاكات التي يتعرض لها المعوقون في لبنان

لأنهم جزء لا يتجزأ من المجتمع لا يمكن إلغاؤه ولا إقصاؤه ولأن مصيرهم ليس تفصيلاً وانما يدخل ضمن منظومة حياة مجتمع بأكمله ولان المواطنية هي الاساس في تعامل المواطن مع أخيه المواطن، انطلق مرصد حقوق المعوقين ليشكل شبكة رصد لكافة الإنتهاكات التي يتعرض لها المعوق في تعاطيه مع البيئة المحيطة به.

صحيح انه في لبنان هناك القانون رقم 220/2000 المتعلق بحقوق الأشخاص المعوقين، إلاّ أنه من المؤسف القول أن العديد من بنوده ما زالت حبراً على ورق اذ للسنة الثانية على التوالي يستمر مرصد حقوق المعوقين بتلقي الشكاوى والتبليغات عن انتهاكات يتعرض لها المعوقون أو ذوو الحاجات الخاصة في أبسط حقوقهم الواردة في هذا القانون. وبلغ عدد الشكاوى والتبليغات قرابة 197 بلاغاً قدموا في خلال سنة واحدة من قبل اشخاص معوقين أو ذويهم من مناطق لبنانية عدة فيما تعددت أسبابها وتنوعت.

اذاً أطلق “اتحاد المعقدين اللبنانيين” بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية ومنظمة “دياكونيا” والمفكرة القانونية، تقرير الرصد الثاني خلال مؤتمر في قصر الاونيسكو في بيروت، برهن فيه عن تقدم كبير في عمل “المرصد”، حيث شهد التقرير إرتفاعاً في أعداد الشكاوى والتبليغات كما لحظ تنوعاً في الجنس والفئات العمرية ونوعية الإنتهاكات التي تعرض لها المبلغون.

يأتي المرصد بعد مرور 14 عاماً على صدور القانون 220/2000 الذي يمنح الأشخاص المعوقين حقوقهم، فيما لا تزال معظم بنود هذا القانون غير مطبقة. من هنا شددت رئيسة اتحاد المقعدين اللبنانيين سليفانا اللقيس في كلمة لها في المناسبة على ان المرصد هو الوسيلة الأقرب لتحقيق العدالة طالما ان هناك فئة كبيرة مهمشة في المجتمع وقالت:” لقد بدأ المرصد يحدث تقدماً وتطوراً. وهذا الأمر يبدو واضحا من خلال نوعية الشكاوى التي تصل من قبل الأشخاص المعوقين حول الانتهاكات التي يتعرضون لها والتي تستند الى القانون 220/2000″.
تابعت: “ان الهدف من التقرير هو تقديم معلومات موثقة بدقة كي يتم تسليمها للمعنيين وتستخدم في حملات مناصرة وتوعية من أجل تطوير الواقع والإسهام في التخطيط من أجل تفعيل القانون 220/2000، و نحن لن نبقى في هذا الاطار بل نسعى الى تطوير وسائل الرصد وتعداد أنواعها للوصول الى تغطية كل الحقوق، فالدستور ساوى بين جميع المواطنين من هنا، لا يجوز انتهاك أي من حقوق المواطن اللبناني”.

بدورها ألقت ممثلة منظمة ” دياكونيا” رائدة حاطوم كلمة موجزة قالت فيها ان الشراكة مع اتحاد المقعدين اللبنانيين يصب في استراتيجية دياكونيا في لبنان لتعزيز حقوق الانسان وتعزيز ممارسة السياسات التي تهدف الى نشر التوعية حول حقوق الانسان والمساءلة والمحاسبة وذلك للسير معاً على طريق يؤدي الى مجتمع أكثر عدالة.
وقد أثنت حاطوم على العمل الذي يقوم به اعضاء اتحاد المقعدين اللبنانيين الذي يقوم بعمل شاق يحتاج الى مجهود كبير في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها البلد.

هذا وقد ألقى عضو كتلة “التنمية والتحرير” ورئيس اللجنة النيابية لحقوق الانسان النائب ميشال موسى انطلق فيها من ان الفكرة التي تم على أساسها وضع قانون لـحماية المعوقين تأتي انطلاقاً من الحقوق العالمية للمعوق ومنها ميثاق الأمم المتحدة، الاعلان العالمي لحقوق الانسان، العهدان الدوليان المتعلقان بالحقوق المدنية والسياسية وبالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، اتفاقية حقوق الطفل، وغيرها من الشرع العالمية التي تلتزم مقدمة الدستور اللبناني بأحكامها ، حيث يعطي القوانين اللبنانية قابلية التنفيذ، ويقدمها عليها في حال التعارض بينها، كذلك تنص الفقرة ج من مقدمة الدستور اللبناني بوضوح على المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أو تفضيل، وتنص المادة 7 من الدستور أن كل اللبنانيين سواء لدى القانون وفي جانب آخر لا يقل أهمية تنص المادة 12 منه على أنه لكل لبناني الحق في تولي الوظائف العامة لا ميزة لاحد على الآخر الا من حيث الجدارة.

من هنا أتى القانون 220/2000 المتعلق بحقوق الاشخاص المعوقين والذي يضم العديد من الأحكام لاسيما تعريف أنواع الحاجات الخاصة والبطاقات الخاصة بالأشخاص المعوقين وانشاء الهيئة الوطنية لشؤون المعوقين وإعطاء المعوقين حقوقهم في مضامير الحياة من أجل عملية دمج مجتمعية”.
تابع:” ان هذا القانون هو خطوة متقدمة وجريئة تسعى الى إعطاء الحقوق المحجوبة لفترة طويلة من الزمن هو ليس منزّلاً بل قابل للتطوير خاصة عند التطبيق وملاحظة الثغرات لكن هناك مشكلة كبيرة في البلد تكمن في كيفية تطبيق القوانين بعد صدورها وهو ما يعاني منه هذا القانون وغيره من القوانين”.
وشدد على ان:” هذا القانون يفرض ضرورة ان يكون هناك مراسيم تنظيمية كون الكثير من ملفاته تتعلق بأكثر من وزارة في آن معاً، لذلك لا بد من تسريع انجاز هذه المراسيم وتطبيقها، وذلك في مبادرة من مجلس الوزراء لجعل تطبيق هذا القانون من الاولويات الاجتماعية.”
تابع:”ان الحث الفعلي على التطبيق يمر بالمطالبة الحثيثة للمجتمع المدني وأحد اركانها مرصد يتابع وتقرير يقول الحقائق بما انجز وما لم ينجز على ان يرسل هذا التقرير الى المرجعيات والوزارات المعنية من اجل المتابعة.”
وختم قائلا:”المطلوب عمل طويل النفس ونضالي من خلال شراكة فعلية حكومية نيابية ومجتمع مدني من اجل التقدم الى الامام في بلد يعاني من برمجات قصيرة الأمد لأولوياته وإرباك سياسي ينطبق على كافة جوانب حياته”.

هذا وقد قدم الزميل عماد الدين رائف عرضاً خاصاً لتقرير الرصد الثاني-2013 الذي يضم مجموعة من الانتهاكات التي تعرض لها عدد من المعوقين من جنسيات مختلفة خلال عام على مجمل الاراضي اللبنانية.
ومن الوسائل المستخدمة في عملية الرصد الاعتماد على نظام البلاغات عبر توزيع صناديق مخصصة على البلديات ومراكز الشؤون الإجتماعية والجمعيات التي تعنى بقضايا الإعاقة بالاضافة الى المراكز الرسمية التي يرتادها الأشخاص المعوقون لطلب خدمات معينة، الصفحة الإلكترونية للمرصد عبر الانترنيت، الاتصالات الهاتفية التي تتم مع فريق المرصد وغيرها.
وقد تحدث رائف، عن تطور طرأ على عمل المرصد يتمثل بالتدخل في التبليغات ومحاولة المساعدة في ايجاد بعض الحلول ضمن الامكانيات المتاحة وقال: “ان هذه التبليغات أثيرت إعلاميا بهدف الإضاءة على قضايا الاعاقة والانتهاكات الحاصلة بحق الاشخاص المعوقين. بطبيعة الحال ان دور وزارة الشؤون الاجتماعية هو دور مركزي لانها هي المولجة بتطبيق القانون 220/2000 الخاص بحقوق الاشخاص المعوقين بشكل اساسي ولكن كان هناك صعوبة بالتوجه الى القطاع العام في شبكة الرصد لانه ما زال ضعيف ولكن العمل جار على وضع صناديق الشكاوى في الإدارات المعنية بعد اطلاعها على غايات وأهداف المرصد”.
ولفت الى ان رصد الانتهاكات التي يتعرض لها المعوقون يتم بالتوازي مع القيام برصد للسياسات الانمائية والخطط المطروحة في البلد سواء أكان ذلك من قبل الحكومة او الوكالات الدولية. وقد رصدت هذه المشاريع. وكان المرجع بطبيعة الحال القانون 220/2000 ومن هذه المشاريع مشروع الإرث الثقافي الممول من البنك الدولي والمنفذ من قبل مجلس الإنماء والإعمار في خمس مدن لبنانية .
وتابع:”عندما نتحدث عن القانون 220/2000 نكون بصدد تناول موضوع البيئة الدامجة وست معايير هي الحد الأدنى للتجهيز الهندسي. ان التقرير هو نتيجة سنة من الرصد ضم نحو 197 بلاغ موثق من مختلف المناطق اللبنانية من البقاع بيروت جبل لبنان ولبنان الشمالي. وقد ركز المرصد على الحقوق المنصوص عليها في القانون لذا فقد تم تبويب التقرير حسب أبواب القانون ومدى احترام الدولة والتزامها والجهات الرسمية المعنية في حماية الحقوق”.

تتسع دائرة الشكاوى المقدمة والواردة في تقرير الرصد، لتطال مختلف أبواب القانون 220/2000 الخاص بحقوق الأشخاص المعوقين في لبنان، الا ان النسبة الأكبر هي لتلك الشكاوى التي تتعلق بحق الوصول والبيئة الخارجية أو بيئة ومكان وظروف عمل ويحتل العمل أعلى نسبة من الاستمارات بلغت نحو 22.8% وتأتي بعده البيئة المؤهلة بنسبة 20.8 % والأبواب التي تتعلق بالدمج الاقتصادي الاجتماعي للأشخاص المعوقين، وبعدها تأتي الخدمات الصحية وهي شكاوى تتكرر من سنة الى سنة من أشخاص مختلفين وتصل نسبتها الى نحو 19%.
وقد أوصى التقرير بتطبيق خطة وطنية تهدف الى تطبيق مجمل القانون رقم 220/2000 وتأمين دمج الأشخاص المعوقين، وتحدد المهل الزمنية والموارد الضرورية لتنفيذها واعادة هيكلة الموازنة العامة لتكييف بنودها مع حقوق الاشخاص المعوقين المنصوص عليها في القانون 220/2000 وتخصيص الاعتمادات الكافية لتأمين هذه الحقوق والاحتياجات والمصادقة على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وبرتوكولها الإختياري وضمان حقوق الأشخاص المعوقين في جميع الخطط والسياسات والقوانين والقرارات والبرامج التي تعتمدها الدولة اللبنانية في كل المناطق والمجالات، بهدف تأمين المساواة بين الأشخاص المعوقين والأشخاص غير المعوقين.

“اتحرّك لنمشي، اتطلع لنشوف، خبّر لنغير، قول لنسمع” “سوا لنبلغ عن الإنتهاكات لحقوقنا، بلّغ، شكوانا مطلب للتغيير”، شعار بدأت تتداوله شاشات التلفزة وهو يهدف الى حث المعوقين وذوي الإحتياجات الخاصة وأهاليهم ومعارفهم على التبليغ عن اي انتهاك يتعرضون له، وعدم السكوت والخضوع لأنه وحدها وسائل التحرك والتعبير هي الطريق السوي للحد من الإنتهاكات التي يتعرض لها المعوقون على امل الوصول الى يوم يتساوى فيه جميع الناس تحت سقف القانون.

رانيا حمزة  – المفكرة القانونية – | 2014-12-05

إثبات حق السكن من خلال القضاء اللبناني؟ قضية إخلاء مستأجر معوق

كتبت نرمين السباعي – المفكرة القانونية

من أكثر الحاجات إلحاحاً، الحاجة للإحساس بالأمان (need to safety)وفق هرم ماسلو للحاجات. وتشمل هذه الحاجة بالطبع الحاجة الى مأوى أو مسكن. ومن هذا المنطلق، كان من الطبيعي أن يشكل حق السكن، لما له من أبعاد اجتماعية واقتصادية، أحد حقوق الإنسان الأساسية وفق ما جاء في العديد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية[1]والقوانين الوضعية لدول عدة[2]. أما على الصعيد اللبناني، ورغم أن مقدمة الدستور توجب احترام المواثيق الدولية التي انضم اليها لبنان والمكرّسة لهذا الحق، إلا أن هذا الحق يبقى غير مذكور بطريقة مباشرة وواضحة في القوانين الوضعية، باستثناء قانون 220/2000 المتعلق بحقوق المعوقين والذي يبقى معطلاً في أجزاء كبيرة منه[3]. ومن هنا، غالباً ما يثور تساؤل حول إمكانية تفعيل هذا الحق من خلال المحاكم، فيخرج النص القانوني من جموده ليلبس لباساً أكثر إنسانية. وهذا بالتحديد ما سنحاول استشرافه من خلال دعوى محورها الحق بالسكن للأشخاص المعوقين.

طلب إخلاء عملاً بالحرية التعاقدية، ودفع بحق المعوقين بمسكن ملائم
بدأت القضية في 2014 عندما رفض أحد مالكي العقارات أن يجدد عقد الإيجار لإحدى المستأجرات من شاغلي أحد عقاراته. فتقدم الى قاضي الأمور المستعجلة بطلب إخلاء المأجور، مدلياً بأنها باتت تشغله من دون مسوّغ شرعي، بعدما انتهت مدة الإجارة. وفيما تبدو القضية في ظاهرها دعوى إيجارات صرفاً مرتبطة بحرية التعاقد المكفولة بالقانون، إلا أن تفاصيل القضية تبيّن أنها تحمل بعداً اجتماعياً وإنسانياً. وهذا ما يظهر من خلال الدفوع التي قدمتها وكيلة الجهة المدعى عليها، المحامية فداء عبد الفتاح، ومفادها أن ابنة المستأجرة مقعدة وأن موقع الشقة ملائم لوضعها لكونها تقع في الطابق الأرضي ويسهل الدخول والخروج منها على الكرسي المدولب، فضلاً عن كونها قريبة من مدرستها، وأن إيجاد شقة أخرى تلبي حاجات هذه الأخيرة يستدعي بعض الوقت. وعلى أساس هذه المعطيات، استندت المدعى عليها الى المواد 55-56 و57 من قانون 220/2000 التي يوجب تخصيص مساكن للمعوقين في المشاريع السكنية العامة والتجمعات الخاصة، إضافة الى الحظر على الدولة بيع أو تأجير تلك المساكن لغير حملة بطاقة المعوق الشخصية أو بعض أصوله أو فروعه أو زوجه، للمطالبة برد الدعوى. وإثباتاً لذلك، أدلت هذه الأخيرة بأن الشقق السكنية العامة شبه منعدمة أساساً فيما الشقق الخاصة لا تراعي هذه المعايير، معتبرة أن وجود هذا المسكن الذي يناسب حاجات الابنة على سبيل المصادفة يجعل منه من المساكن التي تنطبق عليها أحكام القانون، ما يجعل رفض تجديد الإجارة من دون أسباب جدية بمثابة تعد على حق المستفيدين منها. وانتهت دفوع المدعى عليها الى المطالبة بإعطائها مهلة كافية للبحث عن مسكن بديل، مع إلزام المدعي باستلام البدلات التي يرفض استلامها. كما طالبت بإدخال وزارة الشوؤن الاجتماعية في الدعوى ممثلة بالهيئة الوطنية لشوؤن المعوقين، ضماناً لحقوق ابنتها.

دفاع ضد توجهات التشريع: فلنفكر بحق السكن

إن هذه القضية تجد فرادتها، من نواح عدة، أبرزها الآتية:

أولاً، هي تشكل حالة نادرة من التقاضي المسند الى قانون حقوق المعوقين. ومن المعلوم أن هذا القانون يبقى معطلاً في معظم أجزائه، وأن دعوات عدة سجلت في الآونة الأخيرة (2013) لضرورة أن يتم تفعيله من خلال التقاضي الاستراتيجي[4]. وما يزيد الأمر أهمية هو الطلب المقدم من المدعى عليها بإدخال الهيئة الوطنية لشؤون المعوقين على نحو قد يؤدي الى تفعيل دورها والى وضعها أمام مسؤولياتها في هذا الشأن.

ثانياً، هي تضع وجهاً لوجه حق السكن في مواجهة حق الملكية والحرية التعاقدية حول كيفية استغلاله. واللافت أن يحصل هذا الأمر في موازاة الجدل الكبير الحاصل حول قانون تحرير الإيجارات القديمة، والذي أدى الى طرح المواجهة بين هذين الحقين من خلال الطعون المقدمة ضد قانون الإيجارات أمام المجلس الدستوري[5]وبشكل أوسع في التخاطب العام. كما يسجل في هذا الصدد توجه عدد من القضاة لضبط مفهوم حق الملكية والعمل على ربط استخدامه بوظائف اجتماعية معينة من خلال بعض الأحكام التي صدرت مؤخراً. وتجدر الإشارة في هذا السياق الى القرار الصادر عن محكمة التمييز اللبنانية والذي أقر مبدأ “سلامة الإنسان فوق كل اعتبار”[6]، وتحديداً فوق حق الملكية. وتؤكد عبد الفتاح في هذا المجال أنها آثرت الاستناد الى القانون الوضعي (قانون 220/2000) على الاستناد الى ما يتوافر من وثائق دولية، قناعة منها بأن مجالس العمل التحكيمية تبدو أكثر قبولاً لتلك الأسناد. وكانت إشكالية حق السكن قد عرفت تطوراً كبيراً في الاجتهادات الصادرة عن عدد من المحاكم في دول مختلفة[7]، خلصت الى تكريس حق الأفراد بالحصول على مأوى بديل من مساكنهم التي يشغلونها بطريقة غير شرعية. بل أكثر من ذلك، فقد قررت المحاكم الهندية ومحاكم جنوب أفريقيا أن تعلق قرارات الترحيل الصادرة بحق هؤلاء الأفراد حتى تأمين مساكن بديلة لهم. فيما اعتبرت إحدى المحاكم أنه “لا يمكن للمحكمة طرد هؤلاء إلا بعد النظر في جميع الظروف ذات الصلة، والتي تشمل وضع جميع المسنين والمعوقين، والأطفال، بمن فيهم الأطفال اليتامى والضعفاء، والأسر التي ترعاها النساء”[8]

……
بعد الانتهاء من كتابة هذا المقال، صدر الحكم في القضية بتاريخ 24/6/2014 باخلاء المستأجرة من المأجور، من دون أن يعير الدفوع المتصلة بالاعاقة أي اهتمام.يبقى الامل ان يطور المحامون اللبنانيون في المستقبل هذا النوع من الدعاوى تمهيداً لتطوير حساسية القضاة تجاه حق السكن وحقوق المعوقين.

نشر في العدد الثامن عشر من مجلة المفكرة القانونية

[1]ابرزها الاعلان العالمي لحقوق الانسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتي التزم لبنان بها، والميثاق الاجتماعي الاوروبي والميثاق الافريقي لحقوق الانسان وحقوق الشعوب.
[2]مثل فرنساوالهند.
[3]نزار صاغية وغيدة فرنجية،”حين تصاب الدولة بمرض قانوني مزمن: الحراك حول القانون 220/2000، من التشخيص الى غرفة العناية الفائقة”، بالتعاون مع اتحاد المقعدين اللبنانيين وجمعية دياكونيا، 5 شباط 2013، منشورة على موقع المفكرة القانونية.
[4]نزار صاغية وغيدة فرنجية، مرجع مذكور أعلاه.
[5]حسين خليفة، في حق السكن ودستورية قانون الايجارات، المفكرة القانونية، العدد 17، أيار 2014.
[6]يمنى مخلوف،جدل أمام قضاء الأمور المستعجلة في لبنان، سلامة الإنسان فوق كل اعتبار، المفكرة القانونية، العدد 14، شباط 2014.
[7]لمى كرامة، التقاضي الاستراتيجي اثباتا لحق السكن، المفكرة القانونية، العدد الرابع، نيسان 2012.
[8]لمى كرامة، المرجع السابق.

دليل الرصد الاجتماعي: مبادئ وتطبيقات

dalil-rasd-ijtimaii-2014

يضع مرصد حقوق الأشخاص المعوقين بين أيديكم دليلا تدريبياً في الرصد الاجتماعي، يلخص عملياً مبادئ الرصد، ويربط الانتهاكات بالحقوق، ويعطي أمثلة تدريبية على حالات معينة من المجتمع اللبناني يمكن للراصد العودة إليها.

إطلاق تقرير الرصد

محليات – مؤتمر عن حقوق المعوقين في لبنان ( بلال قبلان

يتقدم شاب مكفوف ومعوق حركياً في آن، يقطن في الضاحية الجنوبية لبيروت، بشكوى إلى “مرصد حقوق المعوقين”. يقول: “رفض المستشفى الحكومي استقبالي، ونقلوني من مستشفى إلى آخر، بسبب عدم الاعتراف ببطاقة الإعاقة. تكرر ذلك أكثر من مرة، من دون تقديم حجج. فهم ببساطة لا يعترفوا ببطاقة الإعاقة”. المشكلة تكررت في البقاع، شاب آخر من قب الياس (17 سنة)، يقول: “رفض المستشفى إدخالي لإجراء عملية جراحية. طلبوا أن يحضر وزير الشؤون الاجتماعية لإجراء العملية”. في برالياس المجاورة، تروي فتاة معوقة أنها دخلت “في حالة طارئة، إلى مستشفى خاص. طلبوا تغطية مالية ولم يعترفوا ببطاقة الإعاقة. قالوا إن البطاقة ليست وثيقة تغطي التكاليف الصحية”. الشكوى عينها تكررت في بلدة جبشيت الجنوبية، وفي بعقلين الشوفية.

الملف الصحي للأشخاص المعوقين، ربما يعتبر الأكثر إلحاحاً لدى فئة من المواطنين تزيد عن عشرة في المئة من سكان لبنان، وفق إحصاءات مدنية. وحق الشخص المعوق بتغطية صحية شاملة وفق القانون 220/2000، معلق حتى التطبيق الفعلي للقانون. لكن الشكاوى التي كانت متناثرة بات لها عنوان ترسل إليه. وهي متعددة الأبواب بتعدد مواد القانون، من حق الشخص المعوق ببيئة مؤهلة، إلى حقه بالتنقل والمواقف ورخص السوق، وكذلك بالسكن، والتعلم والرياضة، وصولاً إلى حقه بالعمل اللائق والتوظيف والتقديمات الاجتماعية. والعنوان هو “مرصد حقوق المعوقين” الذي أطلق ربيع العام الحالي، ويطلق اليوم تقريره الأول من بيروت.

لقاء 14 آب 2013 في “بيت المحامي”، يجمع بين ممثلي جمعيات المجتمع المدني الحقوقية، وجمعيات الأشخاص المعوقين، والجمعيات والمؤسسات المعنية بالإعاقة، من جهة، ووزيري الشؤون الاجتماعية والعمل في حكومة تصريف الأعمال ومدراء عامين وممثلي الوزارات المعنية بتطبيق القانون، من جهة أخرى. إطلاق التقرير الأول لـ “مرصد حقوق المعوقين”، بعنوان ” النيات الحسنة لإدارات الدولة.. لا تكفي”، يشكل فرصة أخرى للتلاقي بين أصحاب القضية والمعنيين، للسعي نحو شراكة تؤسس لتطبيق القانون، والمصادقة على الاتفاقية الدولية بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (2006)، للوصول إلى مجتمع متنوع يحترم جميع أبنائه.

تقول منسقة مشروع المرصد سمية بوحسن “أنشئ المرصد في العام الماضي، عبر اتحاد المقعدين اللبنانيين، ووزارة الشؤون الاجتماعية، وبالشراكة مع جمعية دياكونيا والمفكرة القانونية”. وتلفت إلى أن “التقرير الأول للرصد، يعرض لأبرز الانتهاكات التي يتعرض لها الأشخاص المعوقون. وقد ركز المرصد على الحقوق المنصوص عليها في القانون 220/2000. ويظهر ذلك مدى التزام الدولة، والجهات الرسمية المعنية في حماية تلك الحقوق”. وأشارت إلى أن التقرير “يعرض للانتهاكات التي تعرض لها بعض الأشخاص خلال الفترة الممتدة من آذار إلى أيلول من العام الماضي. وسيلحقه عدد من تقارير الرصد الأخرى”.

التقرير الذي يجمع الانتهاكات، حظي بعناية عامر مكارم ومهى دمج من “الشبكة الوطنية للدمج”، ونزار صاغية وغيدة فرنجية من “المفكرة القانونية”، وأحمد كرعود من “منظمة العفو الدولية”، وزياد عبد الصمد من “الشبكة العربية للمنظمات غير الحكومية للتنمية”، ومحمد بارود من “اتحاد المقعدين اللبنانيين”. ويشارك “المرصد” عدد من الجهات الفاعلة ومنها “الشبيبة للمكفوفين”، و”اللبنانية للمدافعة الذاتية”، و”اللبنانية لتثلث الصبغية 21″، و”درب الوفاء للمعوقين”، و”الإنسان الكفيف”، و”أولياء الصم في لبنان”، و”الشبكة المسكونية لمناصرة الأشخاص المعوقين”. ومن البلديات: الغبيري، وبرج البراجنة، والشويفات وفرن الشباك، وحارة حريك، والمريجة، والشياح، وبعقلين، وعماطور، وشحيم، وصوفر، وبيصور. ويلفت رئيس “اتحاد المقعدين اللبنانيين” حسن مروه إلى أن تطبيق حقوق الأشخاص المعوقين لا بد أن يرتقي ليوازي الاتفاقية الدولية، فدول عديدة من حولنا عملت على تطبيقها، فيما لا يزال لبنان الرسمي يراوح مكانه في موضوع المصادقة على الاتفاقية وبروتوكولها المرفق. وأشار إلى أن “من الخصائص المميزة للاتفاقية الدولية، إشراك أصحاب القضية أنفسهم في عملية رصد تطبيقها، على المستوى العملي. وذلك بات ملموسا في عدد من البلدان التي تسعى إلى تكافؤ الفرص في مجتمعات تحترم قدرات جميع أبنائها وتسعى لاستثمار طاقاتهم”. ويرى مروه أن المبادرات التي تقدمها الجمعيات الحقوقية والمطلبية يمكن أن تتلقفها الوزارات والإدارات المعنية بتطبيق القانون 220/2000، فهي تستأهل أن تحظى بفرصة. وذلك يعزز نوعاً من الشراكة بين القطاع العام وأصحاب القضية للوصول إلى الحقوق. ويلفت مروه إلى أن قيمة “التقرير، والتقارير اللاحقة، التي سنضعها تباعاً بين أيدي المعنيين والرأي العام، هي تراكمية تعمل من جهة على تعزيز التوعية تجاه قدرات وطاقات شريحة كبيرة من المواطنين اللبنانيين، وكذلك على الدفع باتجاه تعزيز الحقوق وتعديل السياسات، من جهة أخرى”.

من جهتها، تشير بوحسن إلى توصيات خاصة بلقاء اليوم، منها “وضع تعهد الرئيس نجيب ميقاتي بإعلان 2013 سنة لتنفيذ القانون موضع التنفيذ، والانضمام إلى اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وبروتوكولها الاختياري. وإقرار خطة وطنية تهدف إلى تطبيق القانون 220/2000 وتأمين دمج الأشخاص المعوقين، وتحدد المهل الزمنية والموارد الضرورية لتنفيذها”. وتلفت كذلاك إلى ضرورة “إعادة هيكلة الموازنة العامة لتكييف بنودها مع حقوق الأشخاص المعوقين، وتخصيص الاعتمادات الكافية لتأمين الحقوق والاحتياجات”. بالإضافة إلى “ضمان حقوقهم في جميع الخطط والسياسات والقوانين والقرارات والبرامج التي تعتمدها الدولة في كل المناطق والمجالات، بهدف تأمين المساواة بين الأشخاص المعوقين وغير المعوّقين”.

مرصد حقوق المعوقين يطلق تقريره السنوي

ماريا الهاشم – جريدة النهار – 15 آب 2013

“النوايا الحسنة لإدارات الدولة لا تكفي” عنوان التقرير الأول الذي أطلقه “مرصد حقوق المعوقين” وهو مبادرة من اتحاد المقعدين اللبنانيين وشبكة الدمج وجمعيات الإعاقة ووزارة الشؤون الاجتماعية و”دياكونيا” والمفكرة القانونية في لبنان.

يرصد التقرير انتهاكات القانون 220/2000 التي لا يصعب على أي لبناني التكهن بها، غير أن العبرة تبقى في معالجة هذه الانتهاكات عبر حلول عملية.
وقالت سيلفانا اللقيس إن “المرصد تقرير مبني على بلاغات وردت من معوقين، وهو ليس دراسة، ولا تزال ثمة تقارير أخرى في الانتظار”. ولفتت إلى أن كمّ المشكلات أكبر مما ورد في التقرير، غير أن المرصد وسيلة لتحسين أوضاع المعوقين واحترام حقوقهم.
“لبنان الرسمي يراوح مكانه في موضوع المصادقة على الاتفاق الدولي للمعوقين. ولا يزال يبدو متعثراً في اتخاذ خطوة جريئة نحو إنصاف 10 % من مجتمعه لديهم إعاقات” وفق رئيس اتحاد المقعدين اللبنانيين حسن مروة الذي ألقى كلمة الاتحاد. وأوضح أن المرصد أطلق في الربيع الحالي من بيروت، ويعمل على رصد الانتهاكات المتعلقة بالقانون 220/2000 الخاص بحقوق المعوقين. ورأى أن أهمية التقارير الدولية تبرز سلبيات غياب تطبيق القانون وإقصاء نسبة كبيرة من اللبنانيين عن الحياة الاجتماعية. وقال إن من حصل على بطاقة المعوق لا يتعدى الـ20 %. وخلص إلى أن قيمة التقرير والتقارير اللاحقة أنها تراكمية وتعمل على تعزيز الوعي لدى اللبنانيين والدفع إلى تعديل السياسات.
وعرضت منسقة المرصد لحقوق المعوقين ساميا أبو حسن ما جاء في تقرير المرصد الذي أنشئ العام 2012 ويوثق أبرز الانتهاكات من آذار إلى أيلول 2012. وتضمن المرصد 39 بلاغاً موزعاً على مختلف المناطق ويعتمد التقرير على القانون 220/2000 والمراسيم المتعلقة به. وتوزعت البلاغات على 34 % من الذكور و66 % من الإناث. ويصف التقرير التزام المؤسسات العامة تطبيق القانون بعد 13 عاماً على إصداره بأنه “نسبي”، موضحاً أنه على الرغم من شمولية القانون فإنه لا يتطرق إلى الكثير من القضايا مثل التأمين الصحي والتأمين على الحياة. وحذر من أن تنفيذ القانون يشهد تقدماً خجولاً، خصوصاً لناحية تطبيق كوتا التوظيف للمعوقين وهي 3 % في القطاع العام، بينما تطبيقه شبه غائب في القطاع الخاص. أما أبرز الانتهاكات التي يوثقها التقرير فهي حق المعوق في الحصول على الخدمات الصحية وإعادة التأهيل وخدمات الدعم، حق المعوق ببيئة مؤهلة، حقه بالتنقل والمواقف ورخص السوق، حقه في السكن، حقه في التعليم والرياضة، حقه في العمل والتوظيف والتقديمات الاجتماعية. هذا إلى جانب انتهاكات أخرى لناحية عدم إعفاء المعوقين من الرسوم البلدية والصعوبات التي تواجه المعوق في الحصول على بطاقة الإعاقة ورفض شركات التأمين إعطاء تأمين على الحياة للمعوقين. وخلص التقرير إلى أنه على الرغم من النوايا الحسنة لدى الوزارات والمؤسسات، فإن ثمة غياب خطة وطنية فعلية لدمج المعوقين في المجتمع. والقرارات والمراسيم سطحية وهشة، ولا آلية متابعة ومراقبة لتنفيذ القرارات من الجهات المعنية.
وشدد المرصد على توصيات أبرزها، وضع تعهد رئيس مجلس الوزراء بإعلان 2013 سنة لوضع القانون موضع التنفيذ، والانضمام إلى اتفاق حقوق المعوقين وبروتوكولها الاختياري، وإقرار خطة وطنية تهدف إلى تطبيق مجمل القانون 220/2000. ويوصي التقرير بإعادة هيكلة الموازنة العامة بهدف توفير الاعتمادات الكافية لتأمين حقوق المعوقين، والعمل على ضمان حقوق المعوقين في كل الخطط والقوانين والبرامج التي تعتمدها الدولة.
ورأى ممثل وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور بشير عصمت، أن “المسألة ليست في إصلاحات قانونية، بل في وضع خطط وطنية تترجم التشريعات القائمة. من الضروري ربط تطوير المرصد مع التشريعات. لسنا ضد تطوير التشريعات، ولكن فلنطبقها ولنمتحنها قبل البحث عن تشريعات جديدة”. ورأى أنه “تحقق الكثير برغم الشكاوى كلها، لكن يبقى أكثر بكثير. وبرغم الوعي المحقق، ثمة وجوب لإحقاق إشراك المعوقين”. ورأى أن في النظر إلى المرصد كأن عمره أعوام من العمل ظلماً له. وخلص إلى أن “المشكلات التي عرضت نعرف بالحس أنها موجودة، غير أن تقرير المرصد خطوة جديدة تتحقق”.
وفي مداخلة لوزير العمل سليم جريصاتي أثنى على “الخطوة المتقدمة للمرصد خصوصاً شركته مع المفكرة القانونية”. وقال: “الإنجازات تقابلها إخفاقات، لذا تجب الإضاءة على الإنجازات ومعرفة السبل لمعالجة الإخفاقات”. وخلص إلى أن “المرصد مهم جداً”.

حين تصاب الدولة بمرض قانوني مزمن

1368193410-حين-تصاب-الدولة-بمرض-قانوني-مزمن

تقرير أعدته المفكرة القانونية بالتعاون مع اتحاد المقعدين اللبنانيين والجمعية الدياكونية، تحت عنوان: “حين تصاب الدولة بمرض قانوني مزمن: الحراك حول القانون 220/2000، من التشخيص الى غرفة العناية الفائقة”.
ولا يهدف هذا التقرير إلى رصد الحقوق المكرسة في القانون المذكور والتي لم يتم تنفيذها بعد، أو المخالفات المرتكبة هنا وهناك، إنما يسعى بالدرجة الأولى إلى رسم الحراك السياسي والاجتماعي في ظل قانون مماثل، وخصوصا في ظل الاخلال بتنفيذه.
إذن كيف تتفاعل الإدارات العامة مع الاتهامات الموجهة إليها بالتقاعس عن تنفيذ قانون من شأنه أن يضمن حق المواطنة لشريحة واسعة من الناس؟ وما هي الحجج والذرائع التي تدلي بها، لتجنب أي مسّ بمشروعيتها؟
وكيف تقارب الفئة الاجتماعية المعنية هذا القانون مع الخلل الذي يعترض تنفيذه؟ هل هي تعدّه برنامج عمل تتشارك في تنفيذه مع الإدارات العامة، أم تعتبره مجموعة من حقوق يتم الاعتداء عليها، وتتجابه بشأنها مع هذه الإدارات بشيء من الخصومة؟ وتبقى هذه المقاربة محكومة إلى حد كبير بكيفية التفاعل بين هذه القوى والإدارة العامة ومدى مرونتها، وتحديداً في مدى اقتناع الأولى بمصداقية الإدارة العامة أو بجدوى التفاعل الإيجابي معها.
ثم، ما هي المفاعيل الرمزية للقانون، المتمثلة في إعلان مشروعية حقوق المعوقين وفي وجوب وقف عزلهم وتهميشهم، سواء بالنسبة لهؤلاء وللجمعيات التي تمثلهم، أو بالنسبة إلى الآخرين ومدى استعدادهم للاعتراف بها بمعزل عن أي تدخل أو فرض من السلطة؟

تقرير الرصد الأول 2012

يقدم هذا التقرير أبرز الانتهاكات التي حصلت في العام 2012 بحق الأشخاص المعوقين، يعرض التقرير الانتهاكات حسب أبواب القانون ليظهر ابرز القضايا التي هي بحاجة إلى تدخل. يظهر في هذا التقرير أن هنالك أنواع من الانتهاكات ما زالت تحصل من العام الماضي، ولم يصار إلى أي تطور في مجال حصول الشخص المعوق في حقه بهذه القضايا، مثل قضايا الحصول على فرص متساوية في العمل والتوظيف، في الحق في الحصول على تغطية كاملة في الاستشفاء، والبيئة الهندسية المؤهلة، الحق في التنقل، والحق في الاندماج في النظام التعليمي القائم.

تقرير-الرصد-الاول

حق الأشخاص المعوقين ببئية مؤهلة وفق القانون 220/2000

أخيرا وبعد انتظار دام أكثر من 11 سنة، صدر في 16/12/2011 المرسوم رقم 7194 بتحديد معايير الحد الأدنى للأبنية والمنشآت.[1]ويشكل هذا المرسوم احد ابرز المراسيم التطبيقية التي نص عليها القانون المتعلق بحقوق الاشخاص المعوقين وشرطا اساسيا لتأمين حق المعوّق ببيئة مؤهلة اي حقه بالوصول الى الاماكن التي يستطيع الوصول اليها من ليسوا معوقين، مما يخفف من عزلته وتهميشه.
ويأتي هذا المرسوم نتيجة تعاون وشراكة فعّالة بين الادارة (مديرية التنظيم المدني) التي بدأت العمل فيه منذ بداية 2011[2]، والجمعيات الممثلة للمعوقين (اتحاد المقعدين اللبنانيين) بالتعاون مع نقابة المهندسين. وكانت لجنة لوضع المعايير قد انشئت منذ 2002[3] من دون ان يسفر عملها عن نتيجة منذ ذلك الحين. وقد أدى هذا التأخير الى نشوء ابنية جديدة غير مؤهلة للمعوقين، خاصة خلال حملات الاعمار والتأهيل الكثيفة التي شهدها لبنان خلال السنوات الأخيرة.
ويفصل هذا المرسوم الشروط الفنية التي يجب ان تستوفيها المباني من اجل الحصول على ترخيص بالبناء (والمتعلقة بالمنحدرات والممرات، والادراج والمصاعد، والابواب والمداخل، والغرف والحممات، ومواقف السيارات وعدد الوحدات المخصصة لاستعمال الشخص المعوّق…) ويشمل جميع الابنية العامة والخاصة ذات الاستخدام العام، كما والابنية السكنية الخاصة. ويمكن وقف العمل باي مؤسسة لا تتقيد بهذه الشروط.
ورغم ان المرسوم حصر نطاقه في الابنية التي سيصار الى انشائها، الا ان ضمان تأهيل المبنى شرط للقيام بأي تحويل أو ترميم أو تجديد لأبنية موجودة، وذلك وفقا لقانون البناء[4]وقانون حقوق المعوقين.[5] ومن المفترض ان تبدأ مهلة الست سنوات من تاريخ صدور هذه المعايير لتأهيل الابنية الموجودة ذات الاستخدام العام. فعلى الادارات العامة المعنية ان تتقدم من وزارة الاشغال العامة بمخطط لتنفيذ التأهيلات والتعديلات للابنية والمنشآت والمرافق العامة قبل نهاية العام 2012، كذلك على مالك الابنية الخاصة المعدة للاستعمال العام ان يتقدم من المراجع المختصة بخرائط التأهيل. ويسجل انه يمكن للبلديات ان تستفيد من حوافز مالية في حال انجزت التأهيلات والتعديلات قبل انقضاء المهلة.

[1] نشر في الجريدة الرسمية رقم 61 بتاريخ 29/12/2011، متوفر على الرابط التالي: http://jo.pcm.gov.lb/j2011/j61/wfm/m7194.htm
[2] قرار المجلس الاعلى للتنظيم المدني في 19/1/2011 والذي قد تم تعميمه من قبل وزير الداخلية لكافة الجهات المعنية. اجتماع مع مدير عام التنظيم المدني بالوكالة
[3] قرار مجلس وزراء رقم 53/2002 تشكيل لجنة متعلقة بوضع معايير الحد الادنى للبناء.
[4] المادة الاولى من قانونرقم 646 تاريخ 11/12/2004 تعديل المرسوم الاشتراعي رقم 148 تاريخ 16/09/1983 (قانون البناء)
[5] المادتين 36 -37 من قانون رقم 220 الصادر في 29/5/2000 يتعلق بحقوق الاشخاص المعوقين