(اختر المقطع الذي تريد سماعه ثم اضغط على استمع)

"قدمي اليسرى": حكاية "كريستي براون" الكاتب والرسام

لا يعرض حاليًا

“قدمي اليسرى”، فيلم أيرلندي إنتاج 1989، للمخرج جيم شيريدان، بطولة دانييل دي لويس. قصة الفيلم حقيقية مأخوذة من رواية “قدمي اليسرى” لكريستي براون التي كتبها بقدمه اليسرى. يستعرض العمل قصة حياة كريستي براون منذ لحظة ميلاده، مرورًا بمراحل حياته والصعوبات التي عاصرها، وصولًا إلى طريق النجاح والنجومية. هو فيلم تحفيزي ملهم للأشخاص المعوقين، تمتزج فيه الدموع بابتسامات الانتصار، وتتقاطع فيه خطوط الخيبة مع النجاح.

تبدأ القصة بولادة طفل لديه شلل دماغي، في عائلة براون الفقيرة أسمته كريستكي. لا يحرك الطفل أش طرف من جسمه سوى قدمه اليسرى. في البداية، لدى الأقران من حوله يظن الجميع أن لديه إعاقة ذهنية كذلك، باستثناء والدته التي كانت تؤمن بأنه إعاقته جسدية فقط، وأنه قادرًا مع عينه المراقبة على فهم كل ما يدور حوله، إلا أنه لا يتمكن من الكلام أو الحركة سوى بقدمه اليسرى. رعته والدته وكانت تميزه عن أخوته، وتركت كل مشاغل الحياة لأجله، واكتشفت قدراته على الرسم والكتابة. وللمرة الأولى في عمر العشرة سنوات، عندما تناول الطبشور ووضعه بين أصابع قدمه وكتب على أرضية غرفة المعيشة كلمة “أمي”، وكان ذلك إثر خلاف نشب بين والديه، وكأنه يقول لوالده لا تصرخ على أمي. تبدلت نظرة والده حينذاك، إذ لم يُعول آمالا عليه، فقام بحمله وذهب به إلى المقهى وقال لأصحابه إنه فخور بولده العبقري لا المعوق. تلك كانت لحظة فارقه في حياة كريستي، حيث ازدادت ثقته بنفسه، واستطاع العبور إلى الجانب المشرق من حياته بفضل الدعم الذي قدمته له عائلته، باعتبارها السبب الرئيس لسعادته أو تعاسته.

أتم كريستي السابعة عشر من عمره معتمدًا على نفسه في القيام بمعظم أعماله مستخدما قدمه اليسرى. في يوم من الأيام، كان كريستي يلعب مع أخوته في الحي، حيث قامت فتاة بتقبيله لقاء لعبة القرعة التي تشترط على من تقع عليه أن يقبل الآخر، ما جعله يعجب بها ويرسل لها رسمه جميلة، إلا أنها رفضتها وأعادتها إليه بأسلوب جعله يشعر بالدونية.

تدهورت حالة العائلة المادية بعدما طُرد الوالد من وظيفته، وحلّ فصل الشتاء محملًا بالبرد، ولم تملك العائلة مالًا لشراء الفحم للتدفئة، فاقترح كريستي على أخوته أن يسرقوا الفحم، ونجحت خطته، فرح والدهم بذلك، إلا أن والدتهم غضبت واستنكرت فعلهم بقولها إن السرقة سلوك غير جيد.

ظلت والدته تدخر المال من أجله سنوات طويلة، وجاء اليوم الذي استطاعت فيه أن تشتري له كرسيًا متحركًا من مركز تأهيلي تاركه بيانات كريستي هناك، فسمعت عن حالته طبيبة تملك مستشفى تأهيليًا، تدعى آيلين كول. بدأت معه رحلة علاج، فكان من نتائجها أن صار قادرًا على الكلام بشكل أوضح. وقع كريستي في حب آيلين، لكنه عرف لاحقًا أنها مخطوبة وعلى وشك الزواج، ونتيجة لذلك يحاول الانتحار، إلا أنه تراجع في اللحظة الأخيرة. رافضًا للحزن والخيبة بأن تهزم روحه، أصرّ على نيل فرصته بالحياة كاملة. أصبح كريستي فنانًا مشهورًا يبيع لوحاته في معارض، ومن ثم عمل على كتابة رواية تتناول قصة حياته، وكان من المقترح أن تحمل عنوان “ذكريات رجل معوق”، إلا أنه سمّاها “قدمي اليسرى” معتبرًا أن الحياة بقدم واحدة قد تكفي، وقسمها إلى فصول، راصدًا فيها مشاعر الغضب، والوحدة، والعزلة، والحب، والتضحية، والأمل والنجاح.

ينتهي الفيلم بمشهد رومانسي، حينما يأخذ كريستي وردة بين أصابع قدمه ويُقدِّمها لماري كار المسؤولة عنه في حفل خيري، والمعجبة بلوحاته المميزة وبروايته أيضًا، ويطلب منها الزواج، والأخيرة توافق على عرضه. ومن ثم تزوجا وعاشا سويًا، إلى أن توفي في الخمسين من عمره.