(اختر المقطع الذي تريد سماعه ثم اضغط على استمع)
هل دخلنا في عصر الاتفاقية الدولية؟
بعد انتظار دام ستة عشر عامًا، دخلت تآلف لبنان الرسمي مع الاتفاقية الدولية حول حقوق الأشخاص المعوقين (2006)، التي صادق عليها مجلس النواب وصدرت بموجب القانون رقم 291، تاريخ 12 نيسان/ أبريل 2022، وأبرمت بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 42، تاريخ 6 شباط/ فبراير 2023.
وها نحن في السنة الأولى بعد إبرام هذه الاتفاقية، ودخول لبنان في مجموعة الدول التي يفترض أن ترتقي بتشريعاتها المحلية إلى مستوى الاتفاقية. أي أن المشرع اللبناني يفترض أن يعمل على استبدال القانون 220/2000 الخاص بحقوق الأشخاص المعوقين بقانون يتواءم مع نصوص الاتفاقية الدولية والحقوق المنصوص عليها فيها. إذن، ينتظر الأشخاص المعوقون كأفراد وكمنظمات مدنية حقوقية انتقال ذهنية المشرع اللبناني من النظر إلى فئة الأشخاص المعوقين عبر النموذج الطبي والنموذج الخيري الرعوي، وهما نموذجان يجعلان المشكلة في الشخص المعوق نفسه وأنه يحتاج إلى تقديم بعض الخدمات الطبية من جهة أو رعايته في مؤسسات عازلة من جهة أخرى. أما النموذج التي تقدمه الاتفاقية وتتبناه، وبمجرد التصديق عليها وإبرامها تتبناه الدولة اللبنانية أيضًا، فهو النموذج الاجتماعي الذي يرى أن المشكلة ليست في الشخص المعوق، بل في المجتمع الذي يعيقه عن الوصول إلى الأماكن والمعلومات ولا يستثمر في قدراته ولا يحترم حاجاته.
في الواقع يحتاج المشرع اللبناني إلى الكثير من الجهد وليس عليه أن ينشئ نصوصًا جديدة، فنصوص الاتفاقية الدولية واضحة، وكل ما عليه فعله هو لبننتها لكي تسلك طريقها إلى الوزارات المعنية التي عليها استصدار المراسيم التطبيقية ورصد الموازانات اللازمة للتنفيذ.
ولا بد لنا من التذكير بأن أبسط القرارات في لبنان تأخذ زمنًا لتسلك طريقها إلى التنفيذ، ويتحجج المسؤولون بالأوضاع الأمنية والاقتصادية المعقدة، وعلينا ألا ننسى أن مجرد هذه الاتفاقية نفسها انتظرت على أعتاب البرلمان اللبناني من 2007 حين وافقت الحكومة عليها حتى 2022.
لكن المسألة لا تكمن فقط في نصّ الاتفاقية، فقد صادق البرلمان وأبرمت الحكومة كذلك البروتوكول الاختياري المرفق بالاتفاقية، وهو اتفاق جانبي تعترف الدولة بموجبه باختصاص اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص المعوقين للنظر في الشكاوى المقدمة من الأفراد. ونصه القانوني يستند بشكل كبير على البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، التي لم يولها لبنان اهتمامًا كبيرًا في التطبيق ولديه عليها تحفظات جمة. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز التنفيذ مع الاتفاقية في 3 أيار 2008. واعتبارًا من أيلول 2012 وقعت على البروتوكول 92 دولة وصادقت عليه 78 دولة. وهذه اللجنة هي عبارة عن هيئة خبراء في حقوق الإنسان (18 خبيرًا)، مكلفة بمراقبة تنفيذ الاتفاقية.