رانيا حمزة | 2015-05-03
“جئنا اليوم لنشكر الحكومة لانها أمنت لنا كامل حقوقنا كمعوقين، جئنا من كل المناطق، من البقاع والجنوب والشمال وبيروت لنقول للدولة والقيمين عليها ان تأخذ وقتها الكامل حتى لو احتاجت خمسة عشرة سنة جديدة في تطبيق القانون فنحن لسنا مستعجلين. فالحمدالله ان كل حقوقنا تصلنا، من هنا نقول للمعنيين شكراً على جهودهم وكيف تنكبّون على تلبية جميع حقوقنا وانشاء الله “تنكبوا”، بهذه الكلمات الساخرة أراد فادي الصايغ من اتحاد المقعدين اللبنانيين ان يعبر عن سخطه واشمئزازه من دولة سخرت من فئة غير قليلة من أبنائها فأقرت قانونا من المفروض ان يؤمن لهم أبسط حقوقهم الانسانية هو القانون رقم 220/ 2000 الا انها ابقته مجمداً وخارج جدول التطبيق وتركتهم في معاناتهم. خمسة عشر عاماً وفادي وغيره بإنتظار اللحظة المباركة التي يستيقظ فيها المعنيون في الدولة من غيبوبتهم فيطبقوا القانون، لكن يبدو ان القانون لا يطبق الا بالنزول الى الشارع والضغط.
ممنعون من استخدام الطرق والارصفة، ممنوعون من دخول المرافق العامة والخاصة، ممنوعون من دخول المدارس الرسمية الا بعد الاسترحام والمذلة ممنوعون من العمل الا بعد اجتماع مجلس الوزراء ولائحة الممنوعات تطول وقد لا تنتهي هذه هي نبذة بسيطة عمّا يعانيه المعوق في لبنان والذي يكافح ليبقى مقتنعاً بمواطنيته وتمتعه بحقوق الانسان وانه يحق له كما يحق لكل البشر. من هنا وعشية الأول من ايار الذي يصادف عيد العمال ما كان أمام أصحاب الحق خيار سوى النزول الى ساحة رياض الصلح على مقربة من المجلس النيابي لرفع الصوت والمطالبة بحقوقهم الطبيعية التي ليس لاحد من منة عليهم بها وانما هي مكفولة بالقانون 220/2000.
وعن أهداف التحرك قالت رئيسة اتحادالمقعدين اللبنانيين سيلفانا اللقيسفي حديث “للمفكرة”التحرك اليوم لنوقف لائحة الممنوعات المفروضة بحقنا من قبل القيمين على هذا الوطن، ف حقوقنا مهمشة ومنتهكة وهناك قانون اسمه القانون 220/2000 صدر في العام 2000 والذي بموجبه تلقينا الوعد بان تحل جميع مشاكلنا، لكن 15 عاما مرت واليوم اذا نظرنا الى وضعنا قبل صدور هذا القانون وبعده نجد ان الوضع لم يتغير بل بات أسوأ. اذا قمنا بمقارنة لما قام به القطاع العام من أجل تطبيق بنود القانون نجد انه لاشيء بالمقارنة مع ما قامت به الجمعيات التي تعنى بقضايا الاعاقة والمعوقين لقد وضعنا كل ثقلنا في الموضوع بينما بالمقابل هناك تراجع من قبل المعنيين. وبما ان هذا القانون كان يتضمن “كوتا” لتوظيف الأشخاص المعوقين وهي مجمدة وغير مفعلة وبمناسبة الأول من ايار جئنا نطلق صرخة بأن اوقفوا هذا الانتهاك وصححوا الأوضاع فنحن من حقنا ان نعيش بكرامة مثل غيرنا من الناس”.
وذكرت اللقيس سلسلة من التوصيات التي يسعى الاتحاد الى تحقيقها ومنها ايجاد جهاز في كل وزارة مهمته تحقيق الدمج، القيام بتجهيز لكل أماكن العمل واقرار موازنة لتطبيق بنود هذا القانون، والتعويض عن مسألة التأخير في التوظيف بأن يتم توظيف عدد من الأشخاص يوازي ال3% عن السنوات المنصرمة، إزالة كافة العوائق ووضع دفتر شروط بالمعايير الدامجة حتى تدرج ضمن كل عقد تقيمه الدولة اللبنانية مع اي مؤسسة او منظمة والتصديق على الاتفاقية الدولية التي تتعلق بالاشخاص المعوقين.
وشددت اللقيس على استراتيجيات هامة سيعتمدها الاتحاد في المرحلة المقبلة فقالت:” من ضمن الاستراتيجيات التي ننوي اعتمادها التقاضي الاستراتيجي فسوف نذهب الى مقاضاتهم قانونياً مع شركائنا المفكرة القانونية وكل الأشخاص المعنيين بالدفاع عن العدالة والمساواة.
محمد الحاج من الجمعية اللبنانية لرعاية المعوقين،تحدث بإسم عائلات شردت وتعاني الجوع والحرمان لان معيلها الوحيد فقد أحد أعضائه بلغم ما فطرد من عمله وقال:” لقد تكلمنا كثيرا وصرخنا كثيراً ولكن للأسف الشديد الدولة غائبة نهائياً. جئنا نطالب بضرورة تطبيق القانون 220/2000 فكل هؤلاء الشباب العاطلين عن العمل من مسؤول عنهم ومن ينظر لهمولعائلاتهم؟ القانون يتحدث عن دمج 3% من المعوقين اين هم؟ للاسف لا يوجد دولة وانما صورة”.
تتمتع ندى الحاج من صور بثقافة عالية كما تملك وجهاً غاية في الجمال الا ان جلوسها على كرسي مدولب حرمها من العمل، فكثيراً ما قدمت السيرة الذاتية CVالى وظائف وكان يتم قبولها لإجراء المقابلة الى حين يكتشفون وضعها وعن ذلك قالت:” أملك إجازة في الادب الانكليزي وشهادة سكرتاريا وgraphic designلأنني ارفض المكوث في المنزل دون ان أقوم بأي عمل ودون ان يكون لي أي هدف. لكن في لبنان، لا يهتمون بالكفاءات انما بالمظهر. وعليه فإن الكرسي الذي أجلس عليه يحول دون حصولي على عمل”.
ولأن تطبيق القانون رقم 220/2000 ليس مسألة شخصية بل قضية انسانية تطال حقوق ذوي الإعاقة وكل مواطن. تداعى مجموعة كبيرة من الناشطين في المجتمع المدني الى الاعتصام ليصرخوا مطالبين بتطبيق جميع القوانين المجمدة من قبل القيمين على السلطة.
وربما الصرخة التي أطلقتها مريم سعيدي من لجنة أهالي المفقودين، في الساحة سيبقى صداها يتردد طويلاً ليخرق الآذان الصماء في المجلس النيابي كيف لا وهي تناضل منذ ثلاثين عاماً مع جميع الذين فقدوا اعزاء لهم في الحرب دون ان يستيقظ ضمير لتجار الهيكل فقالت:”ايها المحتلين للمجلس أنا اقف اليوم مع الذين يملكون البصيرة أما انتم فصمٌ بكمٌ عن الحق، انتم تسيرون ولكن مسيرتكم لا توصل الى اي قضية انسانية، انا اليوم وسط الانسانيين فيما انتم جماعة محتلين للمؤسسات اخرجوا ودعوا المكان لمن لديه الارادة والقدرة على العمل والعطاء”.
يجد رياض عيسى رئيس جمعية متطوعون بلا حدود، انه من الطبيعي ان يشارك بالاعتصام فالقضية تعني شريحة كبيرة من الناس وهم اصحاب قضية وقال:” من المفروض في دولة تحترم نفسها الا ترغم هذه الفئة من الناس بالنزول الى الشارع للمطالبة بحقوقهم بل ان يبادر المسؤولون من تلقاء نفسهم بالعمل والسعي لتنفيذ القانون ومطالبهم”.
ويرى أحمد الديراني مسؤول المرصد اللبناني لحقوق العمال والموظفين، ان وجوده في الاعتصام هو أضعف الايمان من أجل تأييد ودعم اتحاد المقعدين بمطالبهم وقال:” لقد صدر القانون 220/2000 منذ 15 عاماً والى اليوم لم يطبق، ولم تتخذ التدابير اللوجستية والوظيفية في الادارات والمؤسسات ولا يوجد تسهيلات قانونية فيما هناك العديد من المعوقين الذين يملكون الكفاءات والطاقات الابداعية وهي طاقات مهدورة حيث انه لا يتم استغلالها في ظل ظلم مضاعف تعيشه هذه الشريحة من المجتمع من حرمان اقتصادي واجتماعي وانساني”.
يشارك الناشط الاجتماعي أجود بو حمدان في معظم التحركات التي تطال حقوق المواطن في لبنان ويؤكد انه من المعيب ان يجبر المرء على النزول دفاعا عن هذه القضية وقال نزلت لأعبر عن قرفي من الحالة التي وصلنا اليها فنحن اين وانت يا حضرة المسؤول اين، أين أنت من الانسانية يا متسلط”.
بدورها الناشطة الاجتماعية نعمت بدر الدين، قالت:”وللاسف هذه القضية عمرها عشرات السنوات والتهميش يلحق بذوي الحاجات الخاصة في مختلف المجالات لاسيما مؤخرا من خلال قانون السير الأخير الذي قام بتهميشهم في قطاع السير والنقل المشترك هذا ناهيك عن مختلف المواضيع الحياتية للمعوق المهمشة من قبل الدولة. نحن هنا اليوم لنطالب بتطبيق القانون 220 ويبدو انه في هذا البلد لا يوجد كرامة لأحد ولا عيش لائق لأحد ناهيك عن ان كل شي معطل من رئاسة الجمهورية الى المجلس النيابي الى الحكومة الموجودة درءا للفراغ لا اكثر ولا أقل، فنحن نعيش في شبه دولة مع مؤسساتها الفارغة ننزل لنصرخ ونطالب ولكن للاسف آذان المسؤولين لا تسمع. من هنا وبمناسبة الاول من ايار، أرى انه يجب علينا ان ندعم بعضنا البعض وان نشكل تكتلات شعبية تنزل الى الشارع للضغط ولنقول ان المواطن اللبناني يعرف ان الدولة ذاهبة الى الانهيار ويجب وضع حد لهذا الامر”.