إطلاق تقرير الرصد

محليات – مؤتمر عن حقوق المعوقين في لبنان ( بلال قبلان

يتقدم شاب مكفوف ومعوق حركياً في آن، يقطن في الضاحية الجنوبية لبيروت، بشكوى إلى “مرصد حقوق المعوقين”. يقول: “رفض المستشفى الحكومي استقبالي، ونقلوني من مستشفى إلى آخر، بسبب عدم الاعتراف ببطاقة الإعاقة. تكرر ذلك أكثر من مرة، من دون تقديم حجج. فهم ببساطة لا يعترفوا ببطاقة الإعاقة”. المشكلة تكررت في البقاع، شاب آخر من قب الياس (17 سنة)، يقول: “رفض المستشفى إدخالي لإجراء عملية جراحية. طلبوا أن يحضر وزير الشؤون الاجتماعية لإجراء العملية”. في برالياس المجاورة، تروي فتاة معوقة أنها دخلت “في حالة طارئة، إلى مستشفى خاص. طلبوا تغطية مالية ولم يعترفوا ببطاقة الإعاقة. قالوا إن البطاقة ليست وثيقة تغطي التكاليف الصحية”. الشكوى عينها تكررت في بلدة جبشيت الجنوبية، وفي بعقلين الشوفية.

الملف الصحي للأشخاص المعوقين، ربما يعتبر الأكثر إلحاحاً لدى فئة من المواطنين تزيد عن عشرة في المئة من سكان لبنان، وفق إحصاءات مدنية. وحق الشخص المعوق بتغطية صحية شاملة وفق القانون 220/2000، معلق حتى التطبيق الفعلي للقانون. لكن الشكاوى التي كانت متناثرة بات لها عنوان ترسل إليه. وهي متعددة الأبواب بتعدد مواد القانون، من حق الشخص المعوق ببيئة مؤهلة، إلى حقه بالتنقل والمواقف ورخص السوق، وكذلك بالسكن، والتعلم والرياضة، وصولاً إلى حقه بالعمل اللائق والتوظيف والتقديمات الاجتماعية. والعنوان هو “مرصد حقوق المعوقين” الذي أطلق ربيع العام الحالي، ويطلق اليوم تقريره الأول من بيروت.

لقاء 14 آب 2013 في “بيت المحامي”، يجمع بين ممثلي جمعيات المجتمع المدني الحقوقية، وجمعيات الأشخاص المعوقين، والجمعيات والمؤسسات المعنية بالإعاقة، من جهة، ووزيري الشؤون الاجتماعية والعمل في حكومة تصريف الأعمال ومدراء عامين وممثلي الوزارات المعنية بتطبيق القانون، من جهة أخرى. إطلاق التقرير الأول لـ “مرصد حقوق المعوقين”، بعنوان ” النيات الحسنة لإدارات الدولة.. لا تكفي”، يشكل فرصة أخرى للتلاقي بين أصحاب القضية والمعنيين، للسعي نحو شراكة تؤسس لتطبيق القانون، والمصادقة على الاتفاقية الدولية بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (2006)، للوصول إلى مجتمع متنوع يحترم جميع أبنائه.

تقول منسقة مشروع المرصد سمية بوحسن “أنشئ المرصد في العام الماضي، عبر اتحاد المقعدين اللبنانيين، ووزارة الشؤون الاجتماعية، وبالشراكة مع جمعية دياكونيا والمفكرة القانونية”. وتلفت إلى أن “التقرير الأول للرصد، يعرض لأبرز الانتهاكات التي يتعرض لها الأشخاص المعوقون. وقد ركز المرصد على الحقوق المنصوص عليها في القانون 220/2000. ويظهر ذلك مدى التزام الدولة، والجهات الرسمية المعنية في حماية تلك الحقوق”. وأشارت إلى أن التقرير “يعرض للانتهاكات التي تعرض لها بعض الأشخاص خلال الفترة الممتدة من آذار إلى أيلول من العام الماضي. وسيلحقه عدد من تقارير الرصد الأخرى”.

التقرير الذي يجمع الانتهاكات، حظي بعناية عامر مكارم ومهى دمج من “الشبكة الوطنية للدمج”، ونزار صاغية وغيدة فرنجية من “المفكرة القانونية”، وأحمد كرعود من “منظمة العفو الدولية”، وزياد عبد الصمد من “الشبكة العربية للمنظمات غير الحكومية للتنمية”، ومحمد بارود من “اتحاد المقعدين اللبنانيين”. ويشارك “المرصد” عدد من الجهات الفاعلة ومنها “الشبيبة للمكفوفين”، و”اللبنانية للمدافعة الذاتية”، و”اللبنانية لتثلث الصبغية 21″، و”درب الوفاء للمعوقين”، و”الإنسان الكفيف”، و”أولياء الصم في لبنان”، و”الشبكة المسكونية لمناصرة الأشخاص المعوقين”. ومن البلديات: الغبيري، وبرج البراجنة، والشويفات وفرن الشباك، وحارة حريك، والمريجة، والشياح، وبعقلين، وعماطور، وشحيم، وصوفر، وبيصور. ويلفت رئيس “اتحاد المقعدين اللبنانيين” حسن مروه إلى أن تطبيق حقوق الأشخاص المعوقين لا بد أن يرتقي ليوازي الاتفاقية الدولية، فدول عديدة من حولنا عملت على تطبيقها، فيما لا يزال لبنان الرسمي يراوح مكانه في موضوع المصادقة على الاتفاقية وبروتوكولها المرفق. وأشار إلى أن “من الخصائص المميزة للاتفاقية الدولية، إشراك أصحاب القضية أنفسهم في عملية رصد تطبيقها، على المستوى العملي. وذلك بات ملموسا في عدد من البلدان التي تسعى إلى تكافؤ الفرص في مجتمعات تحترم قدرات جميع أبنائها وتسعى لاستثمار طاقاتهم”. ويرى مروه أن المبادرات التي تقدمها الجمعيات الحقوقية والمطلبية يمكن أن تتلقفها الوزارات والإدارات المعنية بتطبيق القانون 220/2000، فهي تستأهل أن تحظى بفرصة. وذلك يعزز نوعاً من الشراكة بين القطاع العام وأصحاب القضية للوصول إلى الحقوق. ويلفت مروه إلى أن قيمة “التقرير، والتقارير اللاحقة، التي سنضعها تباعاً بين أيدي المعنيين والرأي العام، هي تراكمية تعمل من جهة على تعزيز التوعية تجاه قدرات وطاقات شريحة كبيرة من المواطنين اللبنانيين، وكذلك على الدفع باتجاه تعزيز الحقوق وتعديل السياسات، من جهة أخرى”.

من جهتها، تشير بوحسن إلى توصيات خاصة بلقاء اليوم، منها “وضع تعهد الرئيس نجيب ميقاتي بإعلان 2013 سنة لتنفيذ القانون موضع التنفيذ، والانضمام إلى اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وبروتوكولها الاختياري. وإقرار خطة وطنية تهدف إلى تطبيق القانون 220/2000 وتأمين دمج الأشخاص المعوقين، وتحدد المهل الزمنية والموارد الضرورية لتنفيذها”. وتلفت كذلاك إلى ضرورة “إعادة هيكلة الموازنة العامة لتكييف بنودها مع حقوق الأشخاص المعوقين، وتخصيص الاعتمادات الكافية لتأمين الحقوق والاحتياجات”. بالإضافة إلى “ضمان حقوقهم في جميع الخطط والسياسات والقوانين والقرارات والبرامج التي تعتمدها الدولة في كل المناطق والمجالات، بهدف تأمين المساواة بين الأشخاص المعوقين وغير المعوّقين”.